Get Mystery Box with random crypto!

د.البدوي عثمان علي : من خطط للحرب؟ بعد اندلاع الحرب في الخرطوم | السودان

د.البدوي عثمان علي : من خطط للحرب؟
بعد اندلاع الحرب في الخرطوم في 15 أبريل ما زال الناس يتساءلون عن من الذي خطط للحرب و من هوالطرف الذي كان يسعي لإشعالها ، ومن الذي أشعلها، بالطبع أن تلك التساؤلات مشروعة ،علماً بان هناك شواهد كثير للعيان توضح من هو الطرف الذي كان يخطط لها ،وكيف تم الإعداد لتلك الحرب ،وما هي ارهاصاتها ،كل ذلك كان مرصود من قبل كثير من المحلليين السياسيين والعسكريين داخل وخارج السودان ، ولسنا هنا بصدد تحديد المعتدي من خلال التحركات العسكرية الفعلية التي كانت واضحة للجميع قبل اندلاع الحرب ، ولكن هناك طرق أخري يمكن من خلالها تحديد الطرف الذي كان يخطط للحرب والإعداد لها ،هذا ما نجده عند معظم الباحثين في مجال العلوم السياسية وخاصة المتخصصين في دراسات السياسات الخارجية للدول .
هناك فرضية سياسية تم تأكيد صدقيتها من أغلب الباحثين في مجال العل
وم السياسية ،هذه الفرضية فحواها أن صانعي السياسة الخارجية في أي دولة يمكنهم التكهن بنوايا دولة معينة في التخطيط لشن الحرب على دولة أخري، وذلك من خلال تحليل الخطاب السياسي لقادة تلك الدولة ،

وتقول الفرضية أن الدولة (أ ) يمكنها معرفة ما أإذا كانت الدولة (ب) التي تنازعها في قضية معينة (سيادية كانت أو أمنية) تخطط للقيام بعمل عسكري ضدها ،فمثلاً إذا أرادت الدولة( أ) معرفة أن الدولة (ب) المعادية لها تنوي شن الحرب عليها فما عليها الا أن تقوم بتحليل الخطابات السياسية التي يلقيها قادة تلك الدولة وذلك من خلال حساب مترادفات كلمة حرب ومترادفات كلمة سلام ،فاذا كانت مترادفات كلمة حرب أكثر من مترادفات كلمة سلام فإن هذه الدولة تستعد وتجهز لخوض حرب ضدها ،أما اذا كانت مترادفات كلمة سلام أكثر من مترادفات كلمة حرب فإن هذه الدولة لا تنوي الدخول في حرب وليست جاهزة لهذا الخيار. ومن النماذج التي يمكن الاستشهاد بها في هذا الصدد الحروب التي اندلعت بين اسرائيل والعرب ، فإسرائيل في كل مرة تشن فيها حرب على الدول العربية كانت تقوم بتحليل خطابات القادة العرب فاذا وجدت أن كلمة الحرب ومترادفاتها أكثر من كلمة السلام ومترادفاتها فإنها تعلم أن الطرف الثاني ينوي شن الحرب عليها ومن أشهر الخطابات السياسية في ذلك خطاب الرئيس جمال عبدالناصر قبل حرب يونيو 67 التي ذكر فيها أنه سيلقي بإسرائيل في عرض البحر ، فقد كانت مترادفات كلمة الحرب أكثرمن مترادفات كلمة السلام رغم أن اسرائيل هي التي بدأت الحرب، فإسرائيل تتعامل مع التهديدات بشكل جدي ولا تنتظر الطرف الآخر ليبدأ الحرب، كما أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية تستغل هذه التهديدات لتبرير القيام بعمل عسكري مفاجئي.

وبالتطبيق على الحالة السودانية فإن هذه الفرضية كانت واضحة لكل الذين كانوا يتابعون المشهد السياسي السوداني فقد كثرالتهديد بالحرب في خطابات قادة وممثلي الحرية والتغييروداعميها ،فقد ذكر أغلب قيادات الحرية والتغيير كلمات الحرب والتهديد بها في الفترة التي سبقت اشتعالها بأيام خاصة عندما لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي بشأن الاتفاق الإطاري في فقرة الاصلاح الأمني والعسكري، فقد اتفقت جميع خطابات قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي على عبارة واحد إما الإتفاق الإطاري وإما الحرب .
ومن العبارات التي تم تدوالها من قبل قادة الحرية والتغيير عبارة:

*إما الحرب وإما الاتفاق الإطاري. (قادة الحرية والتغيير)
*لا مخرج للسودان سوى الاتفاق الإطاري، ولا يوجد أصلاً حل سواه، (حميتي).
*نحن مشكلتنا مع الناس المكنكشين في السلطة "حميدتي".
*"يجب تسليم السلطة للمدنيين بدون لف ولادوران (عبدالرحيم دقلو)
*انا "لا بعرف مجلس سيادي ولا مجلس عسكري، وبعرف فقط التغيير في السودان ونهضة السودان". (حميدتي )
*"نمر بمخاض عسير وتجاذبات تهدد مستقبل البلاد"..البلاد وصلت درجة الاحتقان. (حزب الامة القومي)
*"نصحت حميدتي بعدم خوض حرب ضد القوات المسلحة" (محمد ماكن وكيل عمدة الرزيقات)

من جانب ’خر فإن كلمة حرب ومترادفاتها في الخطاب السياسي للقوات المسحلة وداعميها تكاد تكون معدومة ،فكلمة الحرب ومتردافاتها في كلمة البرهان التي وجهها للسودانين بمناسبة ذكرى انتفاضة أريل 1985 غير متكررة ولم تذكر ولو مرة واحد ،كما لم تشر الى أن هناك صراع بين الدعم السريع والجيش بعكس ما كان يتردد من تصريحات على لسان قادة للحرية والتغيير والدعم السريع.

كما أن قيادة الجيش والداعمين لرؤيتها الخاصة بالاتفاق الإطاري من القوي السياسية المناهضة لمشروع الحرية والتغيير المجلس المركزي لم يشيروا للحرب لا من قريب ولا من بعيد، فالفريق الكباشي قال في خطاب له بولاية جنوب كردفان أن القوات المسلحة تقف على مسافة واحدة من كافة المبادرات السياسية مؤكدا أنها لن تمضي في الاتفاق الإطاري السياسي إذا لم تات قوى أخري بمقترح مقبول لتحقيق التوافق.