جاء في تفسير هذه الآية من سورة الشُورى أنه من كان يريد بعمله ثواب الآخرة فأدى حقوق الله وسعى للآخرة سعيها وآمن بها وصدق نضاعف له عمله وجزاءه أضعافًا كثيرة، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} . وأيضًا، نصيبه من الدنيا لابد أن يأتيه.
بالمقابل.. ﴿وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ}. من كانت الدُنيا كل هّمه، مقصوده وغاية مطلوبه، فلم يقدم لآخرته، ولا رجا ثوابها، ولم يخش عقابها، نُؤتهِ نصيبه الذي قسم له في الدُنيا، وليس له في الآخرة شيء من الثواب لأنه اختار الدنيا الفانية على الآخرة الباقية.
تُذكرُني هذه الآيات بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت الدنيا همَّه فرَّق اللهُ عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين عينيْه، ولم يأتهِ من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانتِ الآخرةُ نيتَهُ جمع اللهُ له أمرَه، وجعل غناه في قلبِه، وأتته الدنيا وهي راغمةٌ)
يفوز من كانت الآخرة همه، وكانت هي قَصْدَه في عمَلِه وحياتِه في الدُّنيا، جعَل اللهُ غِناه في قلبِه، ورزَقه الكِفايةَ وقنَّعه بما في يدِه، وجمَع له شَمْلَه، ويسر له كل شيء، وأتته الدنيا وهي ذليلة، ومن كانت الدنيا شغله الشاغل وهمه الأكبر، جعل الله فقره بين عينيه، ولم يُحصِّلْ مِنْها رُغمَ هذا السَّعيِ فيها إلَّا ما قد كتَبه اللهُ له.
