Get Mystery Box with random crypto!

وعلى أتباعهم من دعاة الحق الشروط والاقتراحات، فالحق بيِّن أبلج | زاد الطريق

وعلى أتباعهم من دعاة الحق الشروط والاقتراحات، فالحق بيِّن أبلج، وماأتى به الرسل من الآيات كافٍ للصادق في إرادة الهدى:
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ).

ركز على الأمثال الواردة في السورة، فإن الله تعالى يضربها ليقرر معنىً هاما يريده أن يتضح لك كوضوح الصور الحسية التي تراها عيناك، فانظر إلى قوله تعالى في سورة غافر :
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} كيف وضح مثَل الذين يجادلون في أمر البعث مع وضوح إمكانه مَثَل (الأعمى) الذي لايرى ضوء الشمس رغم سطوعه، ومثل المؤمنين الذين آمنوا به حال( البصير) ، ولاتحتاج أنت بعد هذا التشبيه إلى كبير عناء لتعرف أين تضع نفسك، وكيف تسعى لخلاصها.

ركز على القصص الواردة في السورة، بحيث لاتتعداها إلا وقد استحضرت قصة مَن ورد فيها، والعبرة المستفادة منها، فإن الأحداث تُذكر لك لتعبر منها إلى مايشابهها من أحداث حياتك، خصوصًا إن كانت القصة عن نبي، فلابد أن تخرج وقد عرفت اسمه، والأحداث التي مرت عليه، وكيف عاملها، وكيف عامل أشخاصها، فإن هذا يجعل بينك وبين ذلك النبي صلة، من جهة معرفته وحبه، ويؤهلك للشهادة معه على قومه، وأيضا يشكل لك ميزانًا تتصرف بناء عليه في مواقف حياتك.
( يحدث هذا بعد الملاحظة والتفكير في هذه الأحداث ، ومعايشتها) ،ففي قصة مثل قصة مؤمن آل فرعون مثلا في (غافر) ستدهشك حكمة الرجل وعلمه ، وستتعلم منه الغيرة على الحق، والتدرج في الدعوة إليه، والحكمة في المجادلة عنه، ومتى تخفي مامعك من الحق، ومتى تظهره وتصدع بالولاء له والبراء من ضده، وغير ذلك الكثير من الفوائد التي يساعدك المفسرون في بيانها، ومنهم السعدي الذي اعتنى كثيرا بهذا الباب من فوائد القصص.

إن مررت بأوصاف المؤمنين فتمهل لها، وصفّ لأجلها الذهن والقلب، وقل : يانفس انظري!
ماذا عليك لتكوني من هؤلاء المحبوبين عند الله؟
لابد مثلا أن يلفتك خبر مثل الخبر الذي ورد في سورة غافر عن استغفار حملة العرش لفئة من الناس:
{  الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }.فتقف لأجله طويلا، وتعتني بالوصف الذي سبب لهم هذه الكرامة التي تحير اللب:
حملة العرش هم الذين يتولون الاستغفار لأصحاب هذا الوصف!!

وكذلك افعل إذا مررت بأوصاف المنافقين ، والكافرين الممقوتين، فلابد مثلا أن يوقفك مثل هذا الخبر الجلل في غافر:
{إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} ، لابد أن يخيفك هذا المقت، فتبحث عن الوصف الذي سببه، وتسأل كيف كانوا يدعون إلى الإيمان، وكيف كانوا يكفرون ؟
ثم تحذر نفسك من حالهم ومآلهم وعظيم خسرانهم .

لاتهمل الأوامر والنواهي، فهي إما خير تدعى إليه، أو شر تنهى عنه، ولاحظ حين يناديك بأحب الأوصاف إليك وإليه :
{ياأيها الذين آمنوا} !، ثم دع لقلبك بعدها أن يلبي ربه ويقول: لبيك ربي وسعديك، والخير كله بين يديك!
أو اسمع خطابه حين يضيفك إلى ربوبيته في( غافر )مثلا :
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أستجب لكم )، لتهتف بعدها وتقول: أدعوك ربي، ومن أدعو غيرك؟!
وإلى مَن أذهب إن تاه قلبي عن دعائك؟!

لاحظ الألفاظ المتكررة والمتشابهة في السورة، فهي مفاتيح هادية لموضوع السورة، والذي بدوره يعين على التعرف على مقصودها، وإليك هذا المثال:
تكرر في سورة (غافر) لفظ ( الاستكبار ) فلو قمت بتجربة بسيطة يسيرة، وهي أن تضع الآيات التي ورد فيها اللفظ تحت بعضها، لخرجت ب(مفهوم) عن الاستكبار ينير تفكيرك، ويشعرك بخطره وعظم جرمه، وتتضح لك علاقته بموضوع السورة ، فما سبب الجدال للمجادلين إلا الاستكبار .
حاول التركيز على الرابط بين مطلع السورة وختامها، فإنك واجد أن مقاطع سور القرآن تعود على مطالعها، وإنه لا محيص للمتفهم عن رد آخر الكلام على أوله ، وأوله على آخره، وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في الفهم، وهذا مثال يوضح ذلك:
في سورة غافر كان الجدال في مطلعها ، ثم في وسطها أتى تفصيل عنه ونماذج له، ثم عادت الخاتمة تبين أن سنة المجادلين في آيات الله أن يطلبوا الآيات من رسلهم، فقيل لهم:
{وماكان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن ربه} ، وقد بين الله لمن يريد الهداية آياته، وأراه إياها رؤيا العين والقلب ، فأعاد عليهم هنا أن الله الذي جعل لكم الأنعام، والله الذي نفعكم بالمنافع، والله الذي يريكم الآيات

يتبع…