Get Mystery Box with random crypto!

كلمات في التوكل إذا كان للتوحيد قلب ينبض فهو التوكل! المتوك | زاد الطريق

كلمات في التوكل

إذا كان للتوحيد قلب ينبض فهو التوكل!

المتوكل  كلما جاءته الأخبار نبض توحيده بالتوكل، وكلما جاءته الرغبات نبض توحيده بالتوكل، وهذا يعني أن التوكل هو حياة التوحيد!


لماذا كان للتوكل هذا المقام الرفيع، وبأي شيء استحق هذه المنزلة؟!

الجواب: لأن التوكل ينبئ عن قوة الإيمان بأسماء الله، وصفاته، وأفعاله؛ فمن صدق في الإيمان بصفات الله اعتمد عليه!

الله تعالى سمى نفسه في القرآن في عدة مواضع بالوكيل، وسمى نفسه بالكفيل، والكافي، والحفيظ؛ فمن آمن بهذه الأسماء وما فيها من صفات، ووحد الله بها، ووصفه بكمالها؛ تأثر بهذا الإيمان قلبه؛ فتيقن بكفاية الله له، وتيقن بقيام الله به، وتيقن أن غير الله لا يقوم به.

(هذه عقيدة القلب).
ولا بد لهذه العقيدة أن ينتج عنها عمل، وهو السكون والطمأنينة، والتفويض والتسليم؛ فلو أن النفس أصابها قلق فعملت عمل المضطرب؛ سكّنها صاحبها وأدبها بما معه من عقيدة صحيحة بأن الله هو الوكيل، وهو الحفيظ ، وهو الكافي،  وأن غيره لا يفعل ذلك.

هناك خانتان في القلب:
- خانة عقيدة.
- وخانة عمل.
فمكان العقيدة هو مكان العلم عن الله وصفاته.
ومكان العمل هو مكان الشعور بهذا العلم والانفعال به، وهذا المكان هو الذي يضطرب في المواقف، لأنه مثل العلبة الفارغة التي تنتظر ما يثقلها لتستقر، خصوصا لما تهب الريح.

وعلى هذا؛ فماذا يفعل المؤمن ليحل مشكلة اضطرابه؟

يأخذ من عقيدته مثل الشيء الثقيل، و يضعه في مكان العمل؛ فيحصل السكون و الهدوء، و تسكن الاضطرابات!
يستورد من عقيدته ويضعه فيما لأجله تعلم تلك العقيدة!
لسان حاله يقول: إنما تعلمت هذا العلم لأجل هذه المواقف!
إنما تعلمت هذا العلم لأنجو به في أوقات أزمتي وضعفي!
كيف أشقى وأضطرب وقد علمني سبحانه أنه خير وكيل؟!
كيف أشقى وأضطرب وقد علمني سبحانه أنه نعم المولى ونعم النصير؟!
كيف أشقى وأضطرب وقد علمني سبحانه أنه خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين؟!
كيف أشقى وأضطرب وقد علمني سبحانه أنه الذي يدفع البلاء، وأنه الذي يرفعه إذا وقع؟! ثم يكفّر به الذنوب، ويرفع به الدرجات؟!

الإنسان دائمًا يواجه مخاطر يضطرب لها قلبه من الخوف، لكن حال المتوكل غير حال الناس كلهم؛ فالمتوكل بمجرد ما تحصل حركة الخوف عنده يوكل الله مباشرة على الشأن الذي هو فيه، لا يغيب عنه هذا المعنى أبدًا:

-  فلو كان مريضًا قال: أنا أوكل الله أن يشفيني لأنه الشافي!
-  وإن كان خائفًا من وقوع بلاء قال: أنا أوكل الله أن يؤمنني، لأنه المؤمن.
-  وإن كان مدينًا قال: أنا أوكل الله أن يرزقني، لأنه الرزاق!
-  وإن كان جاهلًا قال: أنا أوكل الله أن يعلمني، لأنه الرب المصلح!
-  وإن كان صاحب تجارة وعمل وذهب الممولون وأصحاب الأموال قال: أنا أوكل الله أن يدبرني، لأنه  مالك الأرض والسماء الحي الذي لا يموت ولا يشغله شأن عن شأن.
-  وإن كان مكسور القلب قال: أنا متوكل على الله أن يجبر كسري، لأنه الجبار!

وهكذا المتوكل ينطلق من (التوكل) لكل أسماء الله الحسنى!

وبهذا نفهم أن التوكل شأن عظيم، وهو دليل على إيمانك بالله وبصفاته وبأفعاله، فإذا آمن العبد حقًّا بأسماء الله وصفاته، ووحده بها؛ فلا بد أن يظهر هذا في توكله.

وعلى هذا؛ لا يمكن للمؤمن أن يتوكل إلا إذا جمع علمًا عن صفات الله، فأنت توكل الله على سائر أمورك لأنك تعرف أنه المدبر، وأنه الحفيظ، وأنه القدير، وأنه السلام، وأنه الشافي، وأنه مُصرف الأمور، و أنه الوهاب، و أنه الغني الذي يغني عباده، وأنه السميع البصير، القريب المجيب، فتناديه و تُناجيه وتسند إليه ما أهمك! 
كل هذا يجعلك في أي شأن معتمدًا على الله متوكلًا عليه!
ولأجل ذلك كان التوكل قلب التوحيد النابض؛ فالتوحيد بدن، والتوكل قلب له؛ كلما جاءت الأخبار نبض، وكلما جاءت الرغبات نبض!

تجد في أحوال الناس من البلاءات في نفوسهم، أو في أموالهم، أو في فقد أحبتهم ما يجعلك تظن أنك مهما قلت وواسيت ستبقى تلك القلوب مكسورة مجروحة، ولا يمر على خاطرك أو خواطرهم أن هناك شيئًا ما يستطيع جبر هذا الكسر أبدًا؛ فلا تجد حينها بلسمًا ينساب إلى أفئدتهم خيرًا من التوكل!
قل لهم: توكلوا على الله واعتمدوا عليه يأتكم الجبر من حيث لا تحتسبون، وتُمسح الآلام وتفرج الكروب!
توكلوا على ربكم و هو يكفيكم ما أهمكم من جهة قلوبكم وجروحكم، ويكفيكم ما أهمكم من جهة ما فقدتم.

المتوكل يعيش حياة غير حياة الناس، ويسعى لأن يعيش الناس تلك الحياة!
المتوكل ينتفع بتربية الله له، ويسعى للفت أنظار الناس لتلك التربية!
يقول لنفسه ولمن حوله:
قد كنا من قبل في ضيق وفرجه الله، قد كنا في حزن وأزاله الله، قد أوشكنا أن نُفضح وسترنا الله، فكيف يخيبنا اليوم الله؟
والله لا يخيبنا أبدًا ! قد عودنا أن يُنجينا و أن يُعطينا وأن يسترنا وأن يجبرنا وأن يرحمنا وأن يُؤوينا وأن يغنينا.

فأظهر لله حال الطمأنينة، وقل: ما دمت معي فلن يقعدني خوف.
وهذا لا ينافي أن تشعر بالخوف الطبيعي؛
يتبع