Get Mystery Box with random crypto!

تابع فلا تظن أن المطلوب منك عدم الخوف، لأن عدم الخوف من قسوة | زاد الطريق

تابع

فلا تظن أن المطلوب منك عدم الخوف، لأن عدم الخوف من قسوة القلب، وقد أخبرنا الله تعالى أنه يرسل بالآيات تخويفًا، وعلّمنا أن موسى عليه السلام حين جاءه ما يخيف خاف، وخرج منها خائفًا يترقب؛  لكنه لما خاف نادى: ربِّ!  ربِّ!
فلا بد من الخوف؛ لكن تَسكُن نفسك باللجوء إلى الله، فما تَسكُن النفوس إلا بذكر الله، و ما تَسكُن النفوس إلا بالتوكل على الله، ولذلك حين قال النبي ﷺ للصحابة عن يوم القيامة ما أفزغ قلوبهم قالوا: فما نصنع يا رسول الله؟
قال: قولوا: "حسبنا لله و نعم الوكيل، توكلنا على الله"!
يعني يكفينا الله ما أهمنا من شأن الآخرة.

قد يقول قائل : هناك أبواب معينة أصبحت بعد التوكل لا أخاف منها؛ فهل هذا من قسوة القلب؟

نقول: هناك نقاط نمارس فيها التوكل، ونمارسه حتى يصبح من أصل عقيدتنا، من أصل حركة قلوبنا، فهذا ليس قسوة، بل هو مصداق حديث الرسول ﷺ:  "تُعْرَضُ الفِتَنُ علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ، علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ..." الحديث.  أخرجه مسلم.
هذا القلب الذي صار أبيض مثل الصفا قد جاءته التجربة الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة، و هو ينجح، و ينجح، و ينجح إلى أن يثبّته الله عز وجل، وهنا نقول: إن هذا المكان قد اكتوى بمعرفة الله؛ فلم يعد يخاف من هذه الفتنة بالتحديد، ويبقى عليه أن يفعل مثل ذلك في كل نقطة.

وهذا مثال يوضح هذا الكيَّ النافع:
خائف من المرض لأنه لم يمرض من قبل، وأنت قد جربت المرض، وتوكلت على الشافي؛ فشفاك، فتقول له بناءً على ما مررت به ومارسته: لا تخف، توكل على الله تجده خير وكيل!
أنت الآن قد نجحت بالتوكل في مسألة الشفاء حتى أصبح هذا التوكل من أصل حركة قلبك، أما هو فما زال عليه الجهاد في هذه النقطة.

وهكذا قل في كل المسائل، ولكن لا بد أن تعلم أنه لأجل أن يحصل هذا التوكل لا بُد أن يجمع المؤمن بين أمرين مهمين:
١-  لا بُد أن يكون الله تعالى "نعم الوكيل" في نفسه، وهذا لا يأتي إلا من معرفة صفاته!
2-  ولا بد أن تكون "وكفى بالله وكيلًا" في نفسه أيضًا، بمعنى أن يكون متيقنًا أن غيره لا يفعل شيئًا.


أسأل الله بمنه و كرمه أن يجعلنا من الموحدين المخلصين، المشغولين بذكره عن ذكر كل شيء.

وعلينا أن نحذر من أن يكون ذكر المرض والوباء وذكر عواقبه وآثاره أكثر في قلوبنا وألسنتا من ذكر الله،  فو الله هذه هي المصيبة؛ لأن الوباء يأتي ابتلاءً لأجل أن نذكر الله، ونخاف منه، ونعود إليه، ونستغفره، فكيف بعد ذلك نذكر الوباء أكثر مما نذكر الله، ونهرب من الوباء أكثر مما نهرب من سخط الله، و نخاف من الوباء أكثر مما نخاف من الله؟!

صرف الله عنا الوباء والبلاء، وشفى مرضى المسلمين، و أعاد علينا نعماءه كما كانت و أفضل.  اللهم آمين.