كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرشِدُ أصحابَه ويُوصِيهم بكلِّ ما فيه الخيرُ في دِينِهم ودُنْياهم ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحُثُّهم ويُرغِّبُهم في أعمالِ التَّطوُّعِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه :
● أَوصاني خَليلي -يعني : رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، والخليلُ : هو الصَّديقُ الخالِصُ الَّذي تَخلَّلَتْ مَحبَّتُه القلْبَ ، فصارتْ في خِلالِه ، أي : في باطنِه-.
● بثَلاثِ وَصايا ، والوَصيَّةُ هنا بمعْنى العَهْدِ والأمرِ المؤكَّدِ.
● قولُه : «لا أدَعُهنَّ حتَّى أموتَ» ، يَحتمِلُ أنْ يكونَ هذا مِن الوَصيَّةِ ، أي : أمَرَه ألَّا يَترُكَ العمَلَ بهنَّ حتَّى يَموتَ ، ويَحتمِلُ أنَّ ذلك إخْبارٌ مِن أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه عن نفْسِه.
#وقيل : الأرغَبُ والأفضَلُ أنْ يَصومَ الثَّلاثةَ في وسَطِ الشَّهرِ ، وهي المُسمَّاةُ بأيَّامِ البِيضِ ، وهي الثالثَ عشَرَ ، والرابعَ عَشَرَ، والخامسَ عَشَرَ مِن كلِّ شَهرٍ ؛ للأحاديثِ الدالَّةِ عليها ؛ ففي صِيامِهنَّ تَحصيلُ أجرِ صَومِ شَهرٍ كاملٍ ، باعتِبارِ أنَّ الحَسنةَ بعَشْرِ أمثالِها ، فمَن صامَهنَّ مِن كلِّ شَهرٍ كان كمَن صامَ الدَّهرَ كلَّه.
#والوصية_الثانية : صَلاةُ الضُّحى ، وتُسمَّى أيضًا صَلاةَ التَّسبيحِ ، وهي الصَّلاةُ المؤدَّاةُ في وَقتِ الضُّحَى نافلةً ، ووقْتُ صَلاةِ الضُّحى بعْدَ شُروقِ الشَّمسِ قدْرَ رُمْحٍ ، ويُقدَّرُ في المواقيتِ الحديثةِ بمِقدارِ رُبعِ ساعةٍ بعْدَ الشُّروقِ ، ويَمتدُّ وَقتُها إلى ما قبْلَ الظُّهرِ برُبعِ ساعةٍ أيضًا ، وأقلُّها رَكعتانِ ، واختُلِفَ في أكثَرِها ؛ #فقيل : ثَماني رَكعاتٍ ، #وقيل : لا حَدَّ لأكثَرِها.
#والوصية_الثالثة : الوِتْرُ ، وهو صَلاةُ آخِرِ اللَّيلِ ، وهي صَلاةٌ تُؤدَّى مِن بعْدِ صَلاةِ العِشاءِ إلى طُلوعِ الفَجرِ ؛ سُمِّيَت بذلك لأنَّها تُصلَّى وِترًا ؛ رَكعةً واحدةً ، أو ثلاثًا ، أو أكثَرَ.
وقد أَوْصى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبا هريرةَ رَضيَ اللهُ عنه في هذا الحديثِ بصَلاتِها قبْلَ النَّومِ ، ولعلَّه أوصاهُ بذلك ؛ لأنَّه خاف عليه فَوتَ الصَّلاةِ بالنَّومِ ، #قيل : لا مُعارَضةَ بيْنَ وَصيَّةِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه بالوتْرِ قبْلَ النَّومِ ، وبيْن حَديثِ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها المُتَّفقِ عليه : «وانْتَهى وِترُه إلى السَّحَرِ» ؛ لأنَّ الأوَّلَ لإرادةِ الاحتياطِ ، والآخَرَ لمَن عَلِمَ مِن نفْسِه قُوَّةً.