Get Mystery Box with random crypto!

اعترافات نسوية سابقة (الجزء الثالث): التعليم. - المقال بقلم: | السبيل

اعترافات نسوية سابقة (الجزء الثالث): التعليم.

-
المقال بقلم: Umm Khalid، ترجمة: كوثر الفراوي، تحرير: تسنيم راجح
-

معظم الناس يخلطون بين مفهومين أساسيين هما: "التعليم" و "المعرفة", والأصل أن العلاقة التي تجمع بينهما أقرب إلى التباين منها إلى التساوي.

نظام التعليم الشامل بأمريكا ليس محايداً أبداً، إنما هو في عكس الحياد حقيقةً..

فهو نظام مصمم على نحو مدروس ومتعمد يرمي إلى تحويل كل طفل بريء يرتاده إلى عامل مصنع لا يختلف دوره عن الآلة، ومواطناً باراً لا يبخل بتقديم الولاء والطاعة لدولته وخدمتها..
المدارس في الحقيقة هي مجردمعسكرات تلقين مجيدة تلعب دور الحاضنة للأطفال من سن الثالثة أو الرابعة إلى قريب من الثامنة عشرة، ثم بعد ذلك تتركهم لكليات الفنون والعلوم الحرة، لتشد على أيديهم من جديد وتاخذهم في رحلة مكثفة من إفراغ وغسل الدماغ، ومن ثم إعادة قولبته وصب الغثاء فيه بالقدر الذي يكفي وزيادة…

وشيئا فشيئا تطفو على السطح وتبرز بعض ملامح النسوية المتحررة في نفس الطالبات إما صراحة أو تعريضا، إلا ما رحم ربي..

واذا ما استصعبتم إستساغة هذا الكلام، فأنا أدعوكم إلى قراءة كتاب(The Underground History of American education), لكاتبه: John Gatto.

مؤسس هذا النظام التعليمي الأمريكي الحداثي هوراس مان، اهتدى إليه، أو بالأدق أخذه بحذافيره عن النظام الدراسي الروسي، بعد أن سافر مدة من الزمن إلى هناك وأعجب بالنهج الذي تسلكه روسيا في إدارة المداس، حيث جعلت من الاحترام التام والطاعة والولاء إلى الدولة ركائز وقواعد أساسية تُدرس داخل أروقتها، على نحو لا يختلف في دقته عن دوران عقارب الساعة ذات الحتمية والانضباط، أما تعميم هذا النظام فجاء عقِب تجرع الروس مرارة الذل والهزيمة إبان الحروب النابوليونية، لضمان عدم خروج أي جندي فيما بعد عن طاعة الدولة أو مخالفة الأوامر.

أنا كنت الفتاة المسلمة التي ترددت على كثير من المدارس الحكومية الأمريكية من التاسعة إلى سن الثامنة عشرة من العمر، ثم بعد ذلك مضيتُ ألتمس ارتياد القاعات المقدسة لـ «هارفارد»، أحد أهم أكثر جامعات الفنون الحرة “انفتاحاً”..
ترى هل سيكون تأثري وتشربي للأفكار النسوية الخبيثة بعد ذلك أمراً مستغربا؟؟ بل على العكس، إن عدم حصوله هو الذي ينبغي أن يسبب التساؤل والتفاجؤ!

في الصف الرابع في المدرسة العامة تعلمت عن خرافة “بابا نويل"، في الصف الخامس تحدثنا كثيراً عن الحرب الأمريكية الثورية وأبطالها: "جورج واشنطن", "توماس جفرسون"... وباقي أفراد العصابة، أما في الصف السادس فقد شقوا آذاننا بالحديث عن الرحلات الاستكشافية، وأبطالها الشجعان، ثم عكفوا على تعليمنا ابجديات عيد الشكر الأمريكي، والترنيمة الروحية(Kumbaya) وبداياتهما، ولا أنسى الصف السابع، حين أعددت تقريراً كامل الأركان عن سيدة كنت قد أُعجبت بشخصيتها وسيرتها ومسيرتها الحافلة بالنضال، قدموها لنا في صورة المرأة الشجاعة المثالية، و التي لم تألُ جهدها في الدفاع عن حقوق المرأة، ومحاولاتها الدؤوبة لسحب ذيول الظلم والاحتقار عن النساء قاطبة، كانت تلك السيدة التي أخذت بمجامع عقلي وتلافيفه هي: "Susan.B.Anthony"!

لم يحتج تنفيذ هذه الأكاذيب الصارخة، والتحقق بها على أرض الواقع من طرفي لأكثر من 10 سنوات أو أقل، المدرسة الحكومية دأبت بجهود حثيثة على محو وتبييض صحائف كل من رأت في سيَرهم وتاريخهم ما يخدم المصالح الأيديولوجية للدولة، فالآباء المؤسسون مثلاً لم يكونوا على وجه الحقيقة أكثر من عصابة إجرامية متعصبة تدعو للعنصرية بكافة أشكالها! وأما ثلة المستكشفين البريطانيين، فهم لم يتمكنوا من إرساء سفنهم على الأراضي الأمريكية واتخاذها موطنا لهم إلا بعد قيامهم بمجزرة ذبح شنيعة أبادوا فيها السكان الأصليين!

وماذا عن قصة "درب الدموع"؟ هل حقا ما حصل من تهجير للمواطنين الأصليين مجرد كذبة لتشويه التاريخ السَّمح لأمريكا؟! ثم ماذا عن Susan ونضالاتها هي وصديقاتها؟ أم أنهن كنّ يناضلن فقط لأجل بقاء العرق الأبيض واستمراره؟ كنّ كارهات للسود وللرجال بشكل عام، للإله بشكل خاص، لقد كنّ أولى النسويات الملحدات، متعصبات مليئات بالكره والحنق، و لا يفوتني القول أنهن كنّ كذلك يتمتعن بكامل الحقوق ولا يخدمن إلا ذواتهن..

هذا بالضبط هو الفرق بين مفهومي "التعليم" و "المعرفة”، فالمدارس لها برنامجها الخاص وهي تعمل على تعليم روادها لجعلهم تروسا في عجلة هدم الفضائل، يخدمون عن طيب خاطر مصالح الليبرالية، المادية، الإلحاد، العلموية والنسوية... نعم هكذا تعاد قولبة وتشكيل تصورات وأفهام الصغار، ليكونوا جنود الغد المخلصين!

اكتساب المعارف لا يقتضي بالضرورة الخضوع واللجوء إلى هذا النظام التعليمي المنهِك. الرياضيات، العلوم، القراءة، الكتابة، الفن وغيرها.. كلها معارف تستطيع أخذها دون أن تصيبك لـوْثات هذه الأنظمة المتحررة الآسنة..
(يتبع)