السلام عليكَ -أخي الشابّ- ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد، فلقد | السبيل
السلام عليكَ -أخي الشابّ- ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد،
فلقد استحسنت مدّك بفكرةٍ مدّني الله بها، وإنّي لأرجو لكَ، إن أنتَ أخذتها حقّ الأخذ، خيري الدنيا والآخرة. ولقد قلّبت الفكرة في ذهني ساعةً فاتّضحت معالمها، ورجيت الإحاطة بفروعها ثمّ خشيتُ عليك من الإطالة الملل؛ فخذها مقتضبةً عسى يجعل ربّنا لي ولك فيها النفع وحُسن الاعتبار، ومن الله وحده التوفيق.
اعلم -أخي- أنّ القيام على حوائج أهلك من متمّمات الرجولة، وإن غفلوا عن أفضالك، ونسوا إحسانك؛ فالكريم من كان كريم النفس وإن سكت عن كرمه الناس، والشريف شريف الفعل وإن غاب ذلك عن الخلق، والمسلم يكون ربُّه قِبلة عمله، وسبب فعله؛ فلا يحزنه غياب الثناء، ولا يفعل ما يفعل مبتغيًا الإطراء. واعلم أنّ نساءكَ أمانةٌ عندك من ربّكَ خالقك، ينظرُ كيف تصنع معهنّ، فأمّك وصيّة نبيّك ثلاثًا قبل أبيكَ. وأخواتك، وزوجتك، وبناتك، وعمّاتك، وخالاتك، وجدّاتك صلة رحمٍ قد جعل الله تفقّدهنّ فرضًا عليكَ؛ فاحفظ نفسك من فكرة المساواة الشائعة بين الجنسين أن تُحجمك عن واجبك؛ فإنّهما -واللهِ- لا يستويان، فالرجل أقوى من المرأة جسمًا، وأشدّ منها عزمًا، وأبعد منها همّةً، وهو في أمور الدنيا وطبائع الناس أحسن منها درايةً، والمرأة تفضله في الأمومة وحاسّتها، والرقّة وأسبابها، وكثرة المشاغل وإتقانها، وتشخيص المشاعر وتطبيبها، ولكلٍّ دورٌ يوافق فطرته، ويُجانسُ مواهبه، والاستثناءات موجودةٌ في توزيع النِّعم، فمن النساء من تفوق الرجال في العلوم، والعزائم، وغيرها، والقصد من الكلام ذكر القاعدة العامّة، لا تعميم القاعدة على الناس كافّة.
واحفظ نفسك -أخي- من فلسفاتِ المتغرّبين نَسَبًا وهوًى؛ فإنّهم أتباع أهواء، وحاطبو ليل، وامكث على سِيَرِ الصالحين فإنّهم أهل اقتداء، والزم كلام نبيّك فإنّه الأسوةُ الحسنة. ولا تسمح لمؤسّسات الدولة أن تسرق منك نخوتك؛ فتتوقّف عن الإحسان للناس، وتذكيرهم بالفضائل، وإغاثة فقيرهم ومستضعفهم؛ فإنّك بذلك توهنُ رجولتك، وتخونُ نعمتك، وتُردي بنفسك، والله من وراء القصد.
