Get Mystery Box with random crypto!

لماذا يَبتلي الله المؤمن مع ما هو فيه من شدة؟! الله تعالى جعل | السبيل

لماذا يَبتلي الله المؤمن مع ما هو فيه من شدة؟!

الله تعالى جعل الدنيا دار ابتلاء وعمل، والآخرة دار حساب وجزاء.. ولزم من ذلك أن يختلط الشر بالخير في الدنيا، ويتميزان في الآخرة، فأُمهل في الأولى إبليس وأُمهل الظالم والكافـ*، ولم يُمهلوا في الآخرة..

ثم إن الله عز وجل خلق الإنسان، وجعل كل حركة منه بقدر، لكنه عز وجل شاء أن تقع أقداره حين تقع؛ بإرادة الناس وعملهم ضمن مشيئة الله المطلقة، إذ خلق فيهم أسباب الخير وأسباب الشر.. فإما مائلٌ إلى الهدى والخير، وإما مائلٌ إلى الضلال والشر..

ولأن الجنّة دار خير محض؛ كانت مئة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، واقتضت ألا يتساوى فيها أهلها.. فكان بلاءُ المؤمن بالشر تارة والخير تارة..

ليتعلق "هو أو غيره" أكثر بالله ويتعلق أكثر بالآخرة، وليظهر معدنه الحقيقي، من تجلدٍ وشُكر أو وهْنٍ وكُفـ*، فيتميز المخلصُ الصادق عن المُدعى الكاذب، كحال الذهب حين يُختبر بالنار.. ولأجل هذا التمييز خلق الله الخلق وأرسل رُسله وأنزل كتبه..

فالشر ليس مقصودًا لذاته، بل حقيقة الإيمان هي المقصود، لذلك لا زال أهل الإيمان في تمحيص بعد تمحيص، واختبار بعد اختبار، وشدة بعد شدة، حتى ينفر منهم الغش والضعف والجبن والأنانية والارتياب..

ويتبقى الخُلص من عباد الله، الذين تلهج ألسنتهم بـ "متى نصرُ الله" الذي سأله قبلهم الأنبياء وأصحابهم، فهو سؤال الموقن المتعلق، لا المرتاب الناقم.. المؤمنون هم الذين يتوقون لفرج الله وحده، ويتعلقون به وحده ويوقنون فيه ويبذلون له..

فإن لم يجدوا الجزاء حاضرًا في دار الابتلاء والعمل لاختلاط الخير فيها بالشر؛ وجدوه مدخرًا ولا بُد في دار الحساب والجزاء، وهذا هو الأصل الذي بايع عليه الأنبياء وأتباعهم من قبل، لذلك كانوا أشدّ الناس بلاءً، ثم الأمثل فالأمثل!

ومنه تفهم حقيقة معنى "فاز" في قوله تعالى: "وإنما توفون أجوركُم يوم القيامة فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة = فقد فاز"..

يُؤتى بأشدِّ الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيُغمس غمسةً في الجنة، فيُقال لخ: هل رأيتَ بؤسًا قط؟ هل مر بك شدَّةٌ قط؟ فيقول: لا والله يا ربّ، ما مر بي بؤسٌ قط ولا رأيتُ شدةً قط!

محمد وفيق زين العابدين