اعترضت على قضاء الله مرّات كثيرة.. امتلأ قلبي بألف غصّة عندما | السبيل
اعترضت على قضاء الله مرّات كثيرة.. امتلأ قلبي بألف غصّة عندما سألته ولم يعطيني، وسخطت عندما مهّد لي طريق ملؤه المال، وقبل البلوغ انتزعني منه نزعًا، وغضبت أيما غضب عندما ألقت بي إرادته في طريق تجربة مهلكة..كل ما رأيته في المشيئة الإلهية هو العذاب المقطّر والعطاء المؤطّر والحرمان غير المُبرّر، فهجرت طريقه. لكن المولى برحمته وعفوه أبى أن يهجر عبده الضال..فلما أفقت أبصرت حكمته التي يعجز العقل عن استيعابها..أيقنت أن حلاوة الطريق التي حرمني كانت مهلكة للذات، ومرارة التجربة التي ابتلاني هي تربية للنفس، والمال الذي منعني كان طريق الغواية، والشهد الذي أذاقني فيما بعد هو رزقه الطيب..أيقنت أنه الله الواسع الذي لا تُدرك حكمته، وأنه الجامع الذي لا يسع الفهم قضاؤه، أيقنت أن منحة قليلة مصحوبة برضاه تغنيك ألف مرّة عن طوفان نعيم غامر بسخطه. أيقنت أنه الجبار بجنوده التي يسخرها في خدمتك إن رضا، فتنفتح أمامك مفاتيح جنان الأرض، وإن اعترض أهل الدنيا جميعًا..أدركت أن الابتلاء هو تمام محبة الله، وكأنما كل محنة هي تنبيه إلى فساد المسير، وأن تمام السخط هو فسحة في طريق الغي وإجزال في النعم حتى تعمى الأبصار وتهوى الأفئدة..أدركت بعد تيه أن الُمراد من الرحلة هو الصلاح في الرفقة، والراحة في البال، والعافية في الجسد، والغنى عن سؤال الناس..ولا رحلة تبدأ إلا في معيّة الله، وكل رحلة بدونه لم تكن. Abdo Fayed
