2023-01-12 16:43:26
•أكرمني الله في عامي 1418 و 1419هـ ، بالانتظام في حضور دروس الشيخ ابن باز المسائية في يومي الأحد والأربعاء من كل أسبوع ، وبنهاية تلك الدروس توقف الشيخ مع نهاية السنة الدراسية وموسم الحج ، ثم توفي رحمه الله في شهر محرم من عام ١٤٢٠.
كانت تلك الدروس موردا لتلقي التزكية والأدب قبل العلم والمعارف.
والحق أنني لم أكن وقتها نشيطا لمراجعة المسائل التي تقرأ على الشيخ، إذْ من طريقة الشيخ عدم التفصيل والاكتفاء بالتعليقات اليسيرة، التي يصوّب فيها خطأ، أو يحكم على حديث، أو يقرر رأيا .. ويجيب على أسئلة الحضور ، والذين كان من بينهم كبار طلابه. وكنت أتابع القارئ وأكتب تعليقات الشيخ وأكتفي بذلك .
ما كان يدهشني في المشهد المهيب الأسبوعي، كثرة الذكر على لسان الشيخ قبل الدرس وأثناءه وبعده، لسانه لا يفتر!
وأما الأعجب عندي تواضع الشيخ العلمي، فكم من مسألة وردت على الشيخ فقال: الله أعلم ، أو نراجعها أو نحو لك .. وأظن أنني ومثلي آخرون لربما سارعنا بالجواب على كثير من تلك الأسئلة.
هذا التواضع والتحرّي، والتورع سمة العلماء الكبار، وما قصة الإمام مالك عنا بعيد .
يكفي من حضر دروس الشيخ أن يتعلم مثل تلك الآداب والتزكية.
وما رأينا طالب علم تصدر لكل شيء، وظن في نفسه أن بلغ مرتبة عالية إلا نزعت بركة علمه، وجفاه الناس، وربما ترك ذلك الطريق ، ثم شغل بالدنيا.
يقول ابن حزم : (إنْ أعجبتَ بعلمك فاعلم أنه لا خصلة لك فيه وأنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك تعالى فلا تقابلها بما يسخطه، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها، تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت. ولقد أخبرت عن عبد الملك بن طريف وهو من أهل العلم والذكاء واعتدال الأحوال وصحة البحث أنه كان ذا حظ من الحفظ عظيم، لا يكاد يمر على سمعه شيء يحتاج إلى استعادته، وأنه ركب البحر فمر به فيه هول شديد أنساه أكثر ما كان يحفظ وأخل بقوة حفظه اخلالاً شديداً ولم يعاوده ذلك الذكاء بعد. وأنا أصابتني علة فأقمت منها، وقد ذهب ما كنت احفظ الا ما لا قدر له، فما عاودته الا بعد أعوام) .
2.0K viewsعبدالله الشهري, edited 13:43