Get Mystery Box with random crypto!

نَشَّأَه أبواه، ولهذا جاء في الصحيح ʿ4ʾ من حديث أَبِي هُرَيْرَ | القناة الرسمية للشيخ أبي الحسن علي الحجاجي

نَشَّأَه أبواه، ولهذا جاء في الصحيح ʿ4ʾ من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»، فالأبوان لهما الدور العظيم في مسألة التربية يا عباد الله.

ومما ينبغي أن يهتم به في هذا الجانب عباد الله هو أن يُعَوَّدَ الأبناء والبنات على الطاعة والعبادة منذ الصغر ويُحبب إليهم الخير ويكره إليهم الفسوق والعصيان؛ لأن الولد ينشأ على حسب ما نَشَّأته عبد الله، ولهذا قال الله عز وجل آمراً نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132]، وهكذا روى أبو داود في سننه ʿ5ʾ من حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مُرُوا أولادكمِ بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المَضاجِعِ».

تربية يا عباد الله! نحن نرى ونشاهد كثيرا من الآباء والأمهات من لا يهتمون بهذا الجانب البتة نسأل الله السلامة والعافية؛ بل ربما قد بلغ ولده، وهو مع ذلك لا يأمره ولا ينهاه، وكأنه في هذه الحياة لا يعنيه الأمر نسأل الله السلامة والعافية، أين الامتثال لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مُرُوا أولادكمِ بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشرٍ»، تَعْوِيدٌ على الخير منذ الصغر، ولهذا كان السلف من الصحابة وغيرهم يعودون الأبناء على الطاعات منذ صغرهم، ويعطونهم شيئاً من الألعاب؛ حتى يصوموا ويتعبدوا لله سبحانه وتعالى وإن كانوا صغارا؛ لأن الولد إذا نشأ على الطاعة والعبادة منذ الصغر، فإنه ينشأ على حب ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى.

عباد الله؛ مما ينبغي أن يراعى في هذا الجانب أيضاً هو تَجَنُّب الأولاد الشر، والمنكرات، ظاهرا وباطنا، ينبغي على الأبوين أن يجنبوا أبناءهم كل رذيلة وكل رزية؛ لأنه لا يجوز للعبد أن يسكت على ولده وهو يفعل المحرم ولو كان صغيرا، روى البخاري ومسلم في صحيحيهماʿ6ʾ من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «كِخْ كِخْ، ارْمِ بِهَا، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟»، تربية منذ الصغر، ما تجاوزها النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحسن، وما قال: هي تمرة ما في مشكلة! والولد لا زال صغيرا؛ لكن انظروا إلى التربية قال له: «كِخْ كِخْ، ارْمِ بِهَا»، جاء في بعض الروايات ʿ7ʾ أنه كان قد بدأ يَلُوكُها فأخذها من فيه ورمى بها، وقال له: «كِخْ كِخْ، ارْمِ بِهَا، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟»، تربية يا عباد الله على ترك المنكرات، وعلى ترك المخالفات منذ الصغر.

وهكذا لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح ʿ8ʾ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وكان في حجره وكان صغيرا، وَكَانَتْ يَدِه تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»، ما قال: ما يزال صغيرا.

انظروا إلى كثير من الآباء اليوم، وإلى كثير من أمهات اليوم كيف يتساهلون في مسألة التربية؟ لا يبالي؛ أكل ولده بشماله أو أكل بيمينه، كل ذلك لا يبالي، لا يأمره بالأكل باليمين، ولا ينهاه عن الأكل بالشمال، أي تربية هذه يا عباد الله؟ نبينا عليه الصلاة والسلام لم يسكت على أصغر الأمور وعلى أيسرها، فما بالكم بما هو أعظم من ذلكم عباد الله.

وهكذا لما رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ على عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: «أَأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟» فقال عبد الله بن عمرو: أَغْسِلُهُمَا، قَالَ: «بَلْ أَحْرِقْهُمَا» ʿ9ʾ، وفي رواية «إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا»، ما سكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صغيرة من المنكرات فضلا عن أن يسكت عن كبيرة.

وإلى الله المشتكى من كثير من الآباء والأمهات الذين ينظرون إلى أبنائهم، وإلى بناتهم وهم يرتكبون المخالفات سراً وجهارًا، ولا يكاد يحرك أولئك الآباء ساكنا.

عباد الله؛ هذا لا ينبغي والله، بل ينبغي على المسلم والمسلمة أن يهتم بهذا الجانب، ولا يقول: لا يزال صغيرا؛ لأن الولد إذا سُكت عنه وهو صغير على فعل ما حرم الله سبحانه وتعالى فإنه يتعود على ذلك، وربما نشأ على ذلك، وربما جعله دَيدَنَاً له نسأل الله السلامة والعافية، وكما قيل: