2023-07-03 01:15:30
«لا تبرحوا أماكنكم» .. هذه الكلمات وجدتها توضح قوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ ، وكلكم مسؤول عن رعيته»
خرجت قريش من غزوة (بدر) مُثخنة ، ومَرغ الإسلام كبرياءها في التراب ، وقُتل أبرز رؤوسِ الكفر فيها ..
لهذا لم تكن غزوة (أُحد) مجرد جولة ثانية من صراع الحق والباطل ، كانت بالنسبة إلى قريش تعني الثأر ..!!
أما المسلمين فقد كانوا على موعدٍ مع واحدٍ من أبلغ الدروس في تاريخ الإسلام .
لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم ميمنة جيش قريش بقيادة "خالد بن الوليد" ، فخشي أن يلتف بفرسانه من وراء الجبل ، ويصبح المسلمين بين فكي كماشة ، فوضع سبعين من الرماة على الجبل ، وأصدر إليهم أمراً عسكرياً واضحاً : «لا تبرحوا أماكنكم ، إن رأيتمونا نُهزم فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا نُنصر فلا تُشاركونا».
وبدأت المعركة ، وأبلى المسلمين بلاءً حسنا ، وذاقت قُريش بعض الذي ذاقتْه في (بدر) ، فر جنودها ، وتبعهم المسلمين ، ثم ظن الرماة على الجبل أن الأمر إنتهى ، فنزلوا يريدون الحظ من النصر والغنائم.
عندها حدث ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخشاه ، التف "خالد" بفرسانه وصار المسلمين بين فكي كماشة ، وتحول نصرهم إلى هزيمة ، وتعلموا الدرس البليغ : (هذه الأُمة لن تحقق النصر ما لم تلتزم بأوامر نبيها وقائدها) .
فإن كانتْ غزوة (أُحد) قد إنتهت ، فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد ، فطوبى للمُدافعين عن هذا الدين كلاً في مجاله ، طوبى للقابضين على الجمر رافضي الانحناء والتلون ، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبي صلَّى الله عليه وسلم يُنادي فيهم : «لا تبرحوا أماكنكم» ، فلا يبرحوا أماكنهم .
- الأمهات اللواتي يربين أولادهن على الصلاة والصيام والأخلاق ... أنتن تحمين ظهورنا فلا تبرحن أماكنكن.
- الآباء الذين يسألون أولادهم عن جزء (عمَّ) كما يسألونهم عن علاماتهم المدرسية ... أنتم تحمون ظهورنا فلا تبرحوا أماكنكم.
- المدرسون الذين يُؤمنون أن هذا الجيل إذا تربى جيداً يمكن أن يخرج منه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي مرة أُخرى ... أنتم تحمون ظهورنا فلا تبرحوا أماكنكم.
- الموظفون الذين يؤدون أعمالهم بمهنية وضمير ، ويُراقبون الله قبل مدرائهم ... أنتم تحمون ظهورنا فلا تبرحوا أماكنكم.
- المهندسون الذين يُشيِّدون الجسور ويشقون الطرق دون غش وإحتيال وصفقات مشبوهة ... أنتم تحمون ظهورنا فلا تبرحوا أماكنكم.
- فتيات الحجاب والعفة اللواتي يُربِّين أنفسهن إستعداداً لتربية أولادهن ... أنتن تحمين ظهورنا فلا تبرحن أماكنكن.
- شباب صلاة الفجر ، ومجالس الحديث ، ودور القرآن ... أنتم ترسانة الإسلام الأفتك والأقوى ، فلا تبرحوا أماكنكم.
كل واحد فينا لو تأمل موضع قدميه لأكتشف أنه جندي لأجل هذا الدين ، وأنه لو حارب بشراسة وأمانة فإنه سَيَسد ثغراً هاماً ، ويدفع خطراً عظيماً ، وكل واحد منا في مكان وضعه الله فيه ، وألقى على كتفه مسؤولية وأمانة ... فلا تبرحوا أماكنكم.
«كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»
1.9K views22:15