Get Mystery Box with random crypto!

لا تستعجل في التخريج: جمعني مجلس في الكويت المحروسة مع العلامة | فوائد الديوانين

لا تستعجل في التخريج:
جمعني مجلس في الكويت المحروسة مع العلامة المحدث أحمد معبد، حفظه الله ورعاه، وكان يتحدث عن مثالب التوثيق من البرامج الالكترونية، لم تكن المكتبة الشاملة آنذاك قد ظهرت، ولكن كان هناك بعض البرامج المدفوعة الثمن، مثل برامج شركة تراث وغيرها، وضرب الشيخ لهذه المثالب مثلا: بأنه قد يبحث الطالب في هذه البرامج فيعطيه البرنامج النتيجة في صفحة، ثم يقتصر الباحث عليها، ولا يدري ما بعدها، فمثلا: قد يخرج حديثا من المستدرك للحاكم، ويكون الحاكم لم يتكلم عليه بشيء، بل أخر الكلام عليه إلى ما بعد الحديث الذي يليه، وقد وقع مثل هذا في المستدرك في مواضع، فيخرِّج منه الطالب ويقول: سكت عنه الحاكم، ويغفل عن تصحيحه، ثم تكلم عن فوائد المطالعة والتنقيب في الكتب، وهذا الذي قاله حق، فلذة المطالعة لا تعادلها شيء.
وقلت لفضيلته بعد انتهاء كلمته: يمكن أيضا أن يحوز الطالب على هذه الفائدة إذا قلب الصفحات الالكترونية كما يقلب الصفحات الورقية، فقال: نعم، ولكن الغالب على الباحثين العجلة..
تذكرت هذا المجلس مع فضيلته -وقد مضى عليه عقدٌ- وأنا أقلب الطرف في نصب الراية للزيلعي، فهذا الكتاب أعده من أحسن كتب التخريج وأفضلها، فالزيلعي مدرسة في التخريج، وليت كتابه يدرس في الجانب العملي لمقررات: "التخريج ودراسة الأسانيد" في الجامعات الإسلامية، كي يستفاد المنهج التطبيقي من خلال الممارسة والتطبيق على هذا الكتاب.
وكتابه الآخر في التخريج، وهو: تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في كتاب الكشاف لا يقل أهمية عن نصب الراية.
ومن الطرف أنه وقع في نصب الراية نحوٌ مما حذر منه الشيخ أحمد معبد، وبيان ذلك:
أن العلماء اختلفوا في إسناد عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن أقوالهم: أن المقصود بجده هو الأدنى وهو محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو لم يسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكون مرسلا..
وقد بحث الحاكم أبو عبد الله عن الدليل الظاهر في بيان من هو الجد، فقال في المستدرك بعد أن روى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "في الركاز الخمس" : كنت أطلب الحجة الظاهرة في سماع شعيب بن محمد عن عبد الله بن عمرو فلم أصل إليها إلى هذا الوقت، يريد أنه لم يقف عليه قبل ذلك، ولكنه الآن وقف عليها، ولذا خرجه في صحيحه، ثم ساق الحجة الظاهرة فذكر حديث عمرو بن شعيب عن أبيه أن رجلا أتى عبد الله بن عمرو يسأله عن محرم وقع بامرأة فأشار إلى عبد الله بن عمر فقال: اذهب إلى ذاك فسله قال شعيب فلم يعرفه الرجل فذهبتُ معه فسأل ابن عمر الحديث..
ثم قال الحاكم: هذا حديث ثقات رواته حفاظ وهو كالآخذ باليد في صحة سماع شعيب بن محمد عن جده عبد الله بن عمرو.. انتهى .
لكن وقع في نصب الراية في أكثر من موضع خلل شديد (انظر مثلا: 2/332، 381) فإنه قال: أخرج الحاكم...فذكر الحديث، ثم قال: وسكت عنه -أي الحاكم- إلا أنه قال: ولم أزل أطلب الحجة في سماع شعيب بن محمد من عبد بن عمرو فلم أصل إليها إلى هذا الوقت، انتهى النقل عند الزيلعي.. فأوهم عكس مراد الحاكم.
فلعله كان الحديث في آخر الورقة من المستدرك، وظن الزيلعي أن الكلام تم، ولم يقلب الصفحة، على نحو ما حذر منه الشيخ أحمد معبد، أو أنه لم ينتبه لتتمة الكلام، لأن أوله: حدثنا، فظن أنه حديث مستقل، وهذا من عجيب ما وقع له، والله الموفق.