Get Mystery Box with random crypto!

[معاناة المردودة!] مما تمتحن به المرأة المسلمة أن تبتلى بزوج | فوائد الديوانين

[معاناة المردودة!]

مما تمتحن به المرأة المسلمة أن تبتلى بزوج ظالم أو فاسق ثم ترغب في فراقه فيردها أهلها عن ذلك بخلا بتحمل نفقتها! أو أن يكون الزوج غير راغب فيها فيطلقها فيردها أهلها إليه احتيالا أو إحراجا للعلة نفسها..
وهذا الأمر مع كونه خسة وقلة مروءة ورجولة فهو مما ذمته الشريعة ومدحت ضده، فكيف يليق برجل أن يبخل عن نفقة ابنته أو أخته بعد أن هِيض جناحها ورجعت مطلقة مكسورة الخاطر؟!

وقد روى عُلَيُّ بن موسى [من التابعين] حديثا مرسلا عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
" يَا سُرَاقَةُ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَعْظَمِ الصَّدَقَةِ؟ "
قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ،
قَالَ: «ابْنَتُكَ ‌مَرْدُودَةٌ ‌إِلَيْكَ لَيْسَ لَهَا كَاسِبٌ غَيْركَ» وفي لفظ «أَنْ تُكْرِمَ ‌مَرْدُودَةً ‌إِلَيْكَ لَيْسَ لَهَا كَاسِبٌ غَيْرُكَ» وفي رواية أخرى ضعيفة من حديث أبي هريرة: «لا تجد ملتجأ غيرك»
وقد بوب عليه البخاري في الأدب بقوله: ‌‌باب فضل من عال ابنته المردودة، وبوب عليه ابن الجوزي في البر والصلة بقوله: باب في ثواب الإنفاق على ‌البنت ‌المطلقة.

وقد روى غير واحد بإسناد صحيح «أن الزبير بن العوام جعل دارا له حبيسا [وقفا] على كل ‌مردودة ‌من ‌بناته» وفي لفظ أنه رضي الله عنه «جعل دوره [بيوته] صدقة، قال: ‌وللمردودة ‌من ‌بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضارٍّ بها، فإن استغنت بزوج فلا شيء لها»، فلم يكفه أن يكون لهن في حياته بل شغلن باله بعد موته فجعل هذه الدور وقفا عليهن يأوين إليها في حال طلاقهن!

وبين الحافظ أبو موسى المديني (تـ581هـ) الحكمة في تصرف الزبير هذا فقال: «لأن التي مات زوجها ربما أصابها من الميراث ما تحصل منه مسكنا وغير ذلك. فأما المطلقة فإذا سرحها زوجها فلا مسكن لها في الغالب، لأن الإنسان في العادة إذا جهز بنتا أعطى غيرها من الأولاد بقدر ما جهزها به، فإذا رجعت كان قد أحرز إخوتها أنصباءهم فلا يكون لها شيء».
ومن عجيب الأخبار ما ذكر في سيرة التابعي المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (تـ100 هـ تقريبا) وكان سيدا سَرِيَّا شريفا من أشراف قريش ووجهائها ويضرب به المثل في الجود والمروءة والكرم، فقد اجتمع نفر «يذكرون الأغنياء من قريش؛
فقال أحدهم: المغيرة بن عبد الرحمن.
فقال له القوم: " وهل لمغيرة من مال؟ "
فقال الرجل: " أليس له أربع بنات وأربع أخوات؟ "
وكان المغيرة يقول: " لا أزوج كفؤاً إلا بألف دينار! [تكون مهرا]"
فكان، إذا خطب إليه الكفؤ، قال له: " قد علمت قولي؟"
فيقول له الخاطب: " قد علمت، وقد أحضرت المال "؛
فيزوجه ويقبض المال منه؛ ثم يقول له: " اختم عليه بخاتمك [شيء أشبه بالشمع ليعلم أن المبلغ كامل لن ينقص منه]"،
فإذا أدخلت المرأة على زوجها بعدما يجهزها المغيرة بما يصلحها، ويُخْدِمُها خادِمَين، ويُدْخِلَ بيتها نفقة سنة، دفع إليها صداقها مختوماً بخاتم زوجها؛ ثم يقول لها: " هذا مالك، وما جهزناك به صِلَة [هدية] منا لك؛ وزوجك أولى بك منا اليوم؛ فأحسني ما بينك وبينه "، ثم يسلم عليها، ويودعها،
ويقول لها: " إنك لن ترينني إلا في أحد أمرين: إما مؤدباً لك، وإما ناقلك من بيتك مطلقة أو ميتة

ويلحق بما سبق في زماننا الأرملة يموت عنها زوجها فقيرا فيخذلها أهلها فتضطر للعمل أو للزواج بمن لا ترغب بنكاحه لتقصير أهلها في النفقة عليها.!
هذا كله بالإضافة إلى الأحاديث والآثار الكثيرة الواردة في فضل إكرام البنات والأخوات والنفقة عليهن.. وما أحسن كلمة معاوية رضي الله عنه حين دخل عليه رجل وكانت «بين يديه بُنَيَّةٌ له فقال الرجل: من هذه؟
قال: بنية لي
قال: نحها [أي: ابعدها] عنك، فوالله إنهن ليلدن الأعداء ويقربن البعداء
فقال ‌معاوية: أما على ذاك ما مرَّض المرضى وبكى ‌الموتى مثلهن أحد»