Get Mystery Box with random crypto!

سحب كثيرة تملأ السماء، تعلن عن بدء يوم عصيب؛ شديد البرودة، وال | دار مصر - روايات

سحب كثيرة تملأ السماء، تعلن عن بدء يوم عصيب؛ شديد البرودة، والأمواج تتلاطم ببعضها بقوة، كأنها في حديث مستمر لا ينتهي. ذلك المنظر العجيب جعل الشمس تتوارى خلف السحب، كالطفل الصغير الذي يحتمي خلف ظهر أمه، مر بضع ثوانٍ كشرت السماء عن أنيابها بحدة، جعلت حبات المطر تنهمر سريعًا، فأخذتها الرمال في عناق حميم، لكنها ابتلعتها بوحشية حتى تروي ظمأها، وتعوض عطش حرمانها من شهور الصيف القاسية؛ فاليوم بداية شهر أكتوبر. من محافظة عروس البحر الأبيض المتوسط أمام إحدى الجامعات الحكومية، تمشي فتاة طويلة وجسدها الرياضي يزيد جمالها، عينيها الواسعة السوداء مثل الجو تطلق شرارًا، تريد حرق كل شيء حولها، وأنفها الرفيعة متوسطة الطول حمراء من كثرة غيظها، شعرها ملفوف أعلى رأسها، تعلو وجهها خيوطًا من الضيق، ترتدي بنطال صاعقة و"تيشيرت" أبيض، تمشي تضرب الأرض بقدميها، لا تطيق أحد أمامها وتحدث نفسها بعصبية وجنون:
- أنا؟ طب إزاي؟ لا مش معقول، دا مستحيل! بس إزاي مستحيل. ثم تمسك الورقة التي داخل قبضة يدها، قائلة وهي توبخ نفسها:
- ما أهو مكتوب، أنا لازم اعرف كل حاجة.
أكملت توبخ في ذاتها، حتى وقفت سيارة بجانبها فجأة، ينزل منها شاب طويل مُلثم، يقبض عليها ثم يدفعها لداخل السيارة، لكن بكل قوتها وبدون أي خوف تقاومه بشراسة، حاول السيطرة عليها قائلًا:
- اهمدى يا بت أحسن أقتلك.
ثم يخرج سلاحًا من وراء ظهره. لا تبالي لتهديده وبلياقة وبسرعة تمسك السلاح وتوجهه على رأسه، ثم تصوب بقلب قوي عليه، لكن يخرج من السلاح مياه بدلًا من الرصاص.
يضحك الشاب بأعلى طبقات صوته وأردف بمزاح:
- حرام عليكي يا مفترية نفسي أعمل فيكي مقلب أكمله للآخر.
تشد "توتا" القناع من على وجهه بنرفزة، وتقول بحدة:
- تصدق إنك أرخم خلق الله.
ثم دفعته بقوة، ونزلت من السيارة.
- يا توتا، أنتي يا مفترية خدي هنا.
رمقته بغضب وهي ترفع سبابتها أمام وجهه:
- بقولك إيه يا مستقبل الجنان بتاعك دا قولتلك ميت مرة مش عليا.
ثم تضرب رأسها بكف يدها، قائلة:
- دي هربانة مني.
ثم تمسك تيشيرته وتكمل حدثها:
- خاف على نفسك.
يضحك وهو يقترب إليها يعانقها باشتياق:
- والله أنتي أحن أخت على المجرة كلها، أما دي تهرب عليه هو، أنا لا.
فكان يؤكد على حروف آخر جملة وهو يشير على رأسها ويغمز لها بمكر، أردفت وهي تضيق عينيها بعدم فهم قائلة:
- هو! دا بقى اللي هو مين؟
يفتح يده باستسلام ليقول ممازحًا:
- بهزر يا شرس، دا أنا أخوكي حبيبك اللي مشهيصك دلع.
تتذكر الذي قرأته منذ قليل، فتردف بحزن:
- أخويا! اتنيل اسكت.
- بت هي هتهرب منك بجد؟
قالها باستغراب، تزفر أنفاسها وهي ترفع الورقة أمام عينيه قائلة بغضب:
- اقرأ الورقة دي.
- أكيد مش هشوف.
قالها وهو يرفع يده اليسرى يأخذ الورقة، فيكمل كلامه بتعجب بعد أن نظر إليها ببلاهة، ولم يعطها أي اهتمام:
- إيه اللي مش عجبك فيها.
تجلس على واجهة السيارة الأمامي؛ تعقد قدماها وهي تتفحص السيارة:
- أنت جيت إمتى؟
- لسه واصل يا دوب سلمت على البوب وماما وجيتلك.
- ومن أين لك هذا؟
أجابها بكل ثقه وغرور:
- يا عسل، أخوكي مش شوية.
ردت عليه بصوت مرتفع:
- اتنيل اقرأ أم الورقة دي، وبعد كده اتكلم.
- عندما قرأ أول سطر لم يكمل، حدق عينه بذهول وفتح فمه بدهشة، فقالت وهي تعوج فاها:
- ها، فهمت إيه بقى؟
الضحكة التي تملأ وجهه دائمًا اختفت وحل مكانها التعجب، متفوهًا بجدية:
- احنا لازم نعرف كل حاجة، أكيد في غلط.
- يعني أنت ما تعرفش؟
يرجع إلى الخلف قائلًا:
- بتزعقي ليه؟ هعرف من فين يعني! هو مين فينا الكبير.
حل الصمت عليهما، ثم يقطعه بقوله:
- استهدي كده بالله وتعالي نروح نفهم كل حاجة.
تزفر أنفاسها وهي تقفز من أعلى العربة متحدثة:
- ماشي لما أشوف أخرتها.
ثم صعدت السيارة بعصبية، وتحرك "مستقبل" على الفور.
★★★★★★★★
داخل الحرم الجامعي يقول العميد بقلق وخوف على منصبه:
- أنت إزاي تدي لـ"توتا مهيمن" ورق زي دا! دا باباها موصي إنها ما تشوفهوش خالص.
أجابه الموظف بتوتر:
- هي كانت عايزة تقدم لبطولة وكانت عايزة صورة، والله أنا نسيت خالص.
- دا هيخرب بيتنا كلنا، يا رب عديها على خير.
قالها وهو يتحرك في المكتب ذهابًا وإيابًا كالأسد المقيد داخل قفص.
★★★★★★★★
- نايا كنت عايز أتكلم معاكي.
قالها "مهيمن" وهو يفشل في إخفاء الضيق، تفوهت بوجه يتخططه علامات الاستفهام:
- خير يا حبيبي، في إيه؟
صمت لثوانٍ، ثم أخبرها بحنق:
- وصلني إن الاختراع بتاعك مستهدف، وناس عايزين يعرفوا مين اللي بيعمله.
فتحت عينيها برعب، ثم أبلغته بصوت مضطرب:
- مهيمن طيب هعمل إيه؟ أنا لازم أكمل الاختراع،؛ لأنه هينقذ ناس كتير من الموت.
يقف في مقابلتها، يضع يده اليسرى على وجنتها اليمنى:
- قلبي مش عايزك تقلقي خالص، أنا مستحيل أخليكي تتخلي أو تبعدي عن شغلك، واختراعك هتنفذيه بس هنا قدام عيني، هعملك معمل في البدروم وهجيبلك كل اللي تحتاجيه.
مالت بجسدها داخل حضنه الحنون قائلة:
- ربنا ما يحرمني منك أبدًا يا روحي.