نظرت أمامها لترى حشود من أصحاب البشرة السمراء و السوداء اللذين | مكتبتي 💙
نظرت أمامها لترى حشود من أصحاب البشرة السمراء و السوداء اللذين يرتدون الأبيض و يحيطون بشعلة نار كبيرة بينما منحت الطرقات على الطبول بإيقاع حماسي الجو طاقة قوية استشعرها كل الحضور . تلفتت حولها بإعجاب و انبهار لتقول بعفوية وهي تضحك : " عارف الناس دي لو عرفت إنك عندك عرق اوربي حيعملو فيك شنو ؟ "
نظرت إليه لترى ردة فعله وهي تضحك و لكنها تفاجأت بالنظرات الصارمة و الباردة التي رمقها بها الأمر الذي جعلها تتلعثم عندما اقترب منها هامساً : " م عايز اوريك العرق الاوربي ممكن يعمل شنو "
تمالكت نفسها قليلاً ثم قالت : " حيعمل شنو يعني ؟ "
لم يُجبها لإقتراب إمرأة منهما ، بملامح أفريقية جميلة و شعر قصير مجعد … و بعكس آن كانت ذات جسد ممتلئ … من دون استئذان سحبت نبيل من ذراعه لترقص معه على إيقاع السيغا . عادت خطوتين إلى الخلف لا إرادياً عندما رأت ابتسامة هادئة تعلو سغرهُ و محاولته مجاراة المرأة في الرقص على هذه الإيقاع القوي . كان يرتدي بنطالاً قماشياً بني اللون بخصر عالي و قميص أبيض فُتحت أول زرارتين به … انعكس إحمرار لهب شعلة النار في عينيه … و تطايرت خُصلات شعره الذي أمسكه بهيئة ذيل حُصان مع تحركه … أمسك بكف المرأة ليلُفها فاستدارت معه وهي تضحك بصوت عالي …. بدا و لثواني و كأنهُ قد خرج من أحد أغلفة الأفلام الكلاسيكية . هزت كتفها لا إرادياً و هي تنظر إليه بضيق … ما بال النسوة اللاتي لا يتركن زوجها و شأنهُ … جلست على أقرب كرسي لها و ظلت تراقبه بتركيز … و ما إن انتهت تلك الرقصة حتى ابعدت انظارها عنه بسرعة و كأنها لم تكن تراه . ابتسم و انحنى قليلاً للسيدة التي راقصته ثم عاد نحوها … ضربتها مشاعر الغيرة … لقد كان يرقص قبل ثواني مع إمرأة اخرى بكل بساطة و كأنها ليست موجودة … نظرت نحو الصبي اليافع الذي تقدم منها و شعرت و كأنه سيطلب منها الرقص معهُ. و بالرغم من أنها شخصية خجولة نوعاً ما إلا أن جزءاً ما بداخلها أحب أن يذيق نبيل من نفس الكأس … اذا كنت ستراقص إمرأة غريبة من دون حتى استئذاني قبل فعلها إذاً سأقوم بالمثل . هبت واقفة ليجدها الصبي معهُ قبل أن يطلب منها حتى … و هنا توقف نبيل و تلاشت ابتسامته تلك …. كانت تشعر بأن الأمر غريب … أن ترقص مع شخص لا تعرفه… و شعرت و كأن ضربات قلبها مسموعة مع قرعات الطبول . كان الصبي و الذي بدا و كأنهُ في عمر أُختها يرقص بحماس و قوة أمامها بينما كانت تحاول هي مجاراته بلطف و ابتسامة مرحة . تجنبت النظر تماماً نحو نبيل و لكن في اللحظة التي استرقت فيها نظرة له وجدته يجلس على إحدى الكراسي … عاد بظهره للوراء باسترخاء بينما كان يمرر أصابع كفه الأيمن على عروق ذراعه الأيسر بهدوء وهو ينظر إليها مباشرة . ابعدت عينيها عنهُ و عادت للرقص وهي تضحك ، ازداد صوت القرع على الطبول قوة و ازدادت تلك الطاقة العالية ، و شعرت هي بالحرارة تضرب جسدها … لم تعلم أهي بسبب الرقص و الحركة التي تتحركها أم شعلة النار الضخمة التي تتراقص معهم ، أم …….. بسبب جوز العينين اللتان تراقبانها …. انتهت فقرة الرقص و انحنى الصبي النحيف لها بوُد متحدثاً بكلمات لم تفهمها و لكنها استشعرت الشكر فيها … صفق الجميع بصوت عالي و عادت هي لتجلس على كرسيها مجدداً بينما بدأت ايقاعات الطبول تعلو مجدداً . و بعكس ما توقعت ابتسم لها قائلا : " رقصة جميلة "
مررت كفها على شعرها : " فعلاً و بتخلي الواحد يتخلص من اي طاقة سلبية جواه "
لم يُجب عليها بعد تلك الجملة و ظل يُتابع الحفل و الراقصين بسكون تام من دون أن يهتز جسده مع ايقاعاتهم حتى …. قليلاً أُحضر لهما الطعام … الذي تكون من اللحم المشوي ، هريس البطاطس ، و أكواب الذرة الحلوة الحارة بالزبدة مع مشروب القصب البارد بالزنجبيل المنعش . استمر الحفل لعدة ساعات و طوال تلك الساعات لم يتحدث إليها ، بل لم ينظر لها حتى الأمر الذي أشعرها و كأنها منسية … كانت تسترق النظرات إليه و لكنه لم يكترث لها . كان يمارس الصمت العقابي معها ، و كان هذا فقط أخف نوع لديه …. يتجاهلها و يتجاهل وجودها باختصار … شعرت في النهاية بالضجر و الملل بل حتى شعرت بالنعاس ، و بدت كطفل صغير يقاوم النوم. نظرت إليه قائلة بهدوء : " نبيل ؟ "
رفع حاجبه فقط ولم ينظر إليها .
" انا نعست شديد و قعدت الكرسي الطويلة دي عسمتني عديل خلينا نرجع بعد دا "
" نص ساعة و حنرجع " قالها ببرود وهو يراقب الناس بعينيه .
" هه ؟ نص ساعة ؟ حبيبي انت بتهظر صح ؟ "
التفت نحوها وهو يضيق عينيه متسائلاً : " متين هظرت في مواعيد ؟ "
" يعني جادي ؟ نبيل ؟ هيلوووو … انا عيوني بتغمض و تفتح براها … نعست شديد و زهجت ارح رجعني عايزة انوم … احنا من متين قاعدين هنا ؟ "
نظر إلى ساعته و عاد بمُقلتيه للراقصين : " كدا فضل ٢٧ دقيقة ، ٣ دقايق مرت و انتي بتتكلمي "
اشتعل الغيظ بداخلها من بروده وهي تقول : " نعم ؟! "