Get Mystery Box with random crypto!

احتجاجات المحرر: الاحتجاجات البارحة دليلٌ رقم 1000 على أن الش | د. وائل الشيخ أمين

احتجاجات المحرر:
الاحتجاجات البارحة دليلٌ رقم 1000 على أن الشعب السوري الثائر لن يقبل بأي منظومة لا تعطيه حقوقه ولا ترتقي إلى مستوى كرامته، ودون ذلك هو مستعد لألف ثورة وثورة.
قد يسكت حيناً، قد يصبر أحياناً لكن الثورة التي خالطت لحمه ودمه ما تلبث أن تتحرك فتفجر الوضع وتعيد للوعي والأذهان عام 2011.
كنا سابقاً في بداية الثورة نقول: لو أن النظام يفهم هذه الحقيقة ويتعاطى معها ليوفر الكثير من الدماء والدمار، واليوم للأسف عدنا لنقولها:
متى ستفهم المؤسسات والكيانات المتسلطة على الناس هذه الحقيقة، وتوفر على نفسها وعلينا المزيد من الفواتير الغالية!؟
مظاهرات البارحة تقول: لا تحلموا أيها الفاسدون والمتسلطون، لن تعود عقارب الساعة إلى الوراء أبداً، بل من الواضح أن الثوار لم يعودوا هم أنفسهم قادرين على ذلك! لقد تغيرت النفوس وتغيرت الهموم والتطلعات وأعادت الثورة صناعة الإنسان السوري من جديد ليكون عصيّاً على أي تطويع يمتهن كرامته وحقوقه.
نعم، عبثاً تحاول لا فناء لثائر،
نعم، الشعب الحر كالقيامة ذات يوم آتٍ.
أسعار الكهرباء في المحرر تبلغ ثلاثة إلى أربعة أضعاف سعرها في تركيا، لماذا!؟
وفوق ذلك يتم قطعها لساعات طويلة جداً، مع أن الأجواء حارة وهذه الفترة فترة امتحانات، لماذا!؟
والاحتجاجات تتكرر كل فترة ولا يوجد من يستجيب أو يحترم إرادة الناس فيحاورهم باحترام، لماذا!؟
للأسف نسي البعض كل هذه الحقائق الكبرى وراح يركز على بعض الهتافات التي تدعو لخروج الأتراك من المحرر وما هذه الهتافات إلا صرخة غضب بمن فاض به الكيل من الفساد المستشري، والجميع في نفس الوقت مدرك لأهمية الوجود التركي الذي يحمي هذه المناطق، ولو سألت الهاتفين في لحظة هدوء لقالوا لسنا طبعاً مع خروج الأتراك.
لكن القبول بهذا الوجود لا يعني القبول بهذا الوضع بكل علّاته ومشكلاته!
هل سنعود إلى الثنائية التي كان يرددها النظام: أنا أو الفوضى!
لتكون الثنائية الجديدة: الوضع بما هو عليه أو النظام وقسد!
والبعض راح يركز على جزئيةٍ أخرى وهي تدمير المؤسسات وإحراقها، ويجعلها هي المشكلة الرئيسية!
لا شك أن شعبنا من أكثر الشعوب تحضراً، ولو أنه شعر أن هذه المؤسسات تمثله وتعمل على خدمته لما قام بهذا الأمر، وهذا لا يعني أن هذا السلوك صحيح بالطبع، لكنه ليس نتيجة همجية الشعب بل نتيجة الاحتقان الذي سبّبه الفساد والكبر عند المؤسسات.
أليس من المعيب أن يتم إطلاق النار على المتظاهرين!؟
أليس من المعيب أن يخرج البعض ليقول أن من قام بهذه الأفعال إرهابيون مجرمون!؟
أليس من المعيب أن يقول مسؤول العلاقات العامة لشركة الكهرباء أنهم يرفعون الأسعار لأنهم يحصلون على الطاقة من السوق السوداء!؟
ماذا يعني أنها من السوق السوداء!؟
الجميع يعلم أن السوريين مروا بفترات أصعب بكثير من حرمانهم من الكهرباء على مدار السنوات الماضية، لكن أن يكون سبب حرمانهم اليوم وجود فئة فاسدة متسلطة تستفزهم ولا تقدرهم فهذا ما جعلهم ينفجرون غضباً.
الاحتجاجات محقة، ومن أزعجه بعض السلوكات الخاطئة التي صاحبتها فليذهب لعلاج أسّ المشكلة، ولا يحرف الموضوع عن حقيقته، وإلا كان هو أكبر الخاسرين، ولو لم يعلم ذلك حتى اليوم، سيعلم بعد حين.
لن تنتهي هذه الاحتجاجات حتى تتحقق مطالب الناس، وإلا فإن الوضع سيزداد في التصعيد إلى نهاية لا يعلمها أحد، نهاية ستكون مؤذية للجميع وعلى رأسهم المنتفعون من الوضع القائم اليوم.
والمحتجون اليوم يعلمون النتائج السيئة التي ستعود عليهم لو قاموا بالتصعيد لكنهم وصلوا للأسف إلى نتيجة هي أنه لا يوجد ما هو أسوأ من أن يقبل المرء أن يحرم من حقوقه ويحارب في لقمة عيشه وتمتهن كرامته.
لن تنتهي الاحتجاجات وآثارها السلبية، حتى تتم محاربة الفساد، ولن تتم محاربة الفساد إلا بقرارت شجاعة كبيرة منها وجود هيئة أو هيئات أو مجالس منتخبة تمثل الناس وتدافع عن حقوهم وتراقب المؤسسات المعنية بخدمتهم.
#احتجاجات_المحرر