أمي الغالية، لم أكن أتصور أنّ ترحّلي عن ساحةٍ أنتِ فيها هو منت | مُذكرات غائب 💙
أمي الغالية، لم أكن أتصور أنّ ترحّلي عن ساحةٍ أنتِ فيها هو منتهى الحرمان. كيف لم أنتبه -قبل اليوم- لهذا الكمِّ الهائل من أدواركِ المحيطة بي! لماذا ينبغي على الإنسان أن يبتعد ليدرك، أن يُحرَم لِيَعي، أن يفقدَ ليشعرَ بهوّةِ الفراغ الهائل الذي يُخَلَّفُ مِن بَعدهم! لم أكن أظن أنّي أحبكِ كلَّ هذا الحب! آه.. لو كانت يداكِ في يديَّ الآن؛ لما تركتُ موضعًا فيهما إلا لَثَمتُه ومرَّغتُ وجهي فيه. سامحي جُبني أو خجلي، كيف لم أَفُهْ لكِ بكل ذلك قبل اليوم وها أنا اليومَ أستتر بالورق والمسافات! لعلي لم تلفحني نيرانُ الشوقِ لكِ قبلَ ذلك مثلما تفعل بي اليوم، ولكنها يا أماه نيرانٌ تتسعَّرُ الآن بين جوانبي شوقًا لحضنك الدافئ وعرفانًا لقدرك العظيم. أنتظر اليومَ الذي يأتي لأخبركِ بكلِّ ذلك مشافهةً وعيانًا في جلستنا الهادئة سويًّا تحت ظلال شمس الشتاء اللطيفة. ليست ألطفَ منكِ على كل حال. بكل الأشواق أنتظر ذلك اليوم، وعسى أن يكون قريبًا.
ابنُكِ الذي يحبكِ، والمحرومُ من قُربِكِ/ #رسائل_ميتة
