Get Mystery Box with random crypto!

ليست الصّداقةُ بدُرِّ اللّسان من كلامٍ معسولٍ، ولفظٍ مرصوفٍ، و | مُذكرات غائب 💙

ليست الصّداقةُ بدُرِّ اللّسان من كلامٍ معسولٍ، ولفظٍ مرصوفٍ، وكلمةٍ مليحةٍ تُلقى في الآذان تزلُّفًا إلى مطلبٍ، أو تقرُّبًا إلى مرامٍ، وقد صار هذا اللّفظ مظلومًا مهضومًا، ومرسلًا ممضوغًا على ألسنة النّاس بلا قيدٍ ولا معنى، ولا يتحقّق معنى الصّداقة إلّا بودّ الجنان صدقًا لا يشوبُه نفاقٌ، وحقًّا لا يخالطه إدهانٌ، وليس إلى ذلك من سبيل إلّا إذا ظلَّ أصل المودّة مغروزًا في القلب، منبسطًا على الصّديق نحو من يصادقُه في كلّ أحواله وأعماله، فهو يعرفه في البلاء كما يعرفه في الرّخاء، ويواسيه في الضّرّاء كما يصافيه في السّرّاء، ويدفع عنه عوادي النّاس بكلّ قدرته، ويذبُّ عنه غوائل الأيّام بكلّ طاقته، ولا يأتيه لمأربٍ ينتويه ثمّ ينصرف عنه إذا قضى منه وطرًا، وهذا هو الصّديق الذي يُتعزّى به في نكبات الأيّام، وهذا هو الرّفيق الذي يُتعلَّل به في صروف اللّيالي، وقد أحسن الشّاعر حين قال:
لعمرُك ما ودُّ اللّسان بنافعٍ ** إذا لم يكنْ أصل المودّة في الصّدرِ