2021-09-28 22:23:35
"ماءُ الحياة" من شَفَتي "الرضا عليه السلام"
يذكر العلّامة الشيخ حسن زاده آملي رضوان الله تعالى عليه هذه القصّة حول تشرّفه في أيّام شبابه برؤية الإمام الرضا عليه السلام في منامه وقد سقاه من "ماء الحياة" (العلم) فيقول:
عندما كنتُ في أيّام محو الأميّة وتعلّم الصرف والنحو، كان لديّ عزم راسخ (وإرادة ثابتة) على قيام السَحَر والتهجّد.
تشرّفتُ برؤيا مباركة سَحَريَّة بالأرض الرضويّة المقدّسة، ونلتُ شرف زيارة وليّ الله الأعظم ثامن الحجج علي بن موسى الرضا -عليه وعلى آبائه وأبنائه آلاف التحيّة والثناء-.
في تلك الليلة المباركة، وقبل أنْ أتشرّف بحضور الإمام عليه السلام ونوره الباهر، أخذوني إلى مسجدٍ فيه مزار حبيبٍ من أحبّاء الله، وقالوا لي: صَلِّ ركعتي صلاة الحاجة إلى جانب هذه التُربة، واطلبْ تُقْضَ حاجتك.
صلّيتُ وبسبب حبّي وتعلّقي المُفرط بالعلم طلبتُ من الله سبحانه: العلم.
بعد ذلك وصلتُ إلى محضر الإمام الثامن العظيم سُلطان الدين الرضا -روحي لتُربته الفداء وترابُ بابِهِ تاجُ رأسي- وسَلّمتُ متأدّباً.
قال الإمام الذي كان يعلمُ بسرّي وبشوقي وحرقتي وعطشي لتحصيل ماء الحياة (العلم): "اقْتَرِبْ!"
اقتربتُ، ونظرتُ إلى الإمام، فرأيته يجمع لُعابَهُ ويضعه على شفته ويُشير إليَّ أنْ: "اشْرَبْ".
انحنى الإمام، وأخرجتُ لساني وقمتُ بهذا العمل بحرصٍ وولع، حتّى أنّني أردتُ أنْ آكل شفتي الإمام وأنْ أشرب ماء الحياة من كوثر فمه.
في تلك الحال خَطَرَ في قلبي أنّ أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: وَضَعَ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله لُعابَه على شفته وشَرِبْتُهُ، ففُتِحَ لي ألف بابٍ من العلم ومن كلّ باب يُفتح لي ألف باب.
بعد ذلك أرانيَ الإمامُ عليه السلام طَيَّ الأرض عمليّاً.
نهضتُ من هذا المنام الحلو الذي كان بالنسبة لي أفضل من ألف سنة من اليقظة، آملُ ببشارة ذاك السَحَرِ أن أترنّم في يومٍ ما بقول "حافظ" صاحب الكلام العَذب:
يا ليت في وقت السَحَرِ يُخلّصونني من الغصّة
وتحتَ ظُلمة الليل يُعطونني ماء الحياة (العلم)
أيَّ سَحَرٍ مُباركٍ كان وأيَّ ليلة بهيجة؟!
ليلة القدر تلك أعطوني إياها جديداً
أنا إنْ صِرتُ مُرْتَوِيَاً وسعيدَ القلبِ فالعجب
كنتُ مستحقّاً وأعطوني هذا بزكاتي."
من كتاب "شَيخُ الخُرُبات" سيرة العارف العلّامة حسن زادة آملي رضوان الله تعالى عليه صفحة 88 و89
ملاحظة: لا يخفى على الحاذق الخبير برموز ومعاني الرؤى الصادقة أن "لُعاب المعصوم عليه السلام" -الذي هو (أي المعصوم) واسطة بيان وإفاضة العلوم والمعارف الإلهية- إشارةٌ إلى "العلم"، لكونه (أي اللُعاب) موجودٌ في الفمِّ الطاهر المُقدّس للمعصوم الذي هو (الفم) "واسطة واسطة تبيين وإفاضة المعارف والعلوم الإلهيّة"، وفيه إشارة أيضاً إلى اشتراكه معه في "الذوق" فتأمّل
ثمّ إنّ "انحناء الإمام" يرمز إلى تنزّله (عليه السلام) من مقامه الشامخ تكرّماً وتفضّلاً -على قدر الطالب- لإيصال تلك المعارف إليه بحسبه.
408 viewsedited 19:23