2022-08-24 14:55:29
ماذا تعرف عن طلاق الدنيا ؟؟
يقول السيد عبد الاعلى السبزواري [طاب ثراه]:
تقدَّم بعض ما يرتبط بطلاق الزوج لزوجته ، وهو أمر مبغوض عند الخالق والمخلوق، وهناك طلاق آخر هو مجمع الكمالات الإنسانية ، وأهمّ طرق السير والسلوك إلى الله تعالى ، وتتجلّى أهميّته في اجتماع التخلية عن الرذائل ، والتحلية بالفضائل ، والتجلية بصفات الباري عزَّ وجلَّ فيه ، وهو طلاق الدُّنيا وما سوى الله جلّت عظمته ، وهو أيضاً مرتان {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، وإنَّ له درجات :
الأولى : ما إذا كانت الدُّنيا سبباً للانغمار في عالَم الغرور ، وحجاباً عن عالَم النُّور ، فترتع النفس في الجهالات والظلمات ، فلا يفيدها منع مانع ، ولا ترتدع بأيّ رادع . وطلاق مثل هذه الحالة واجبٌ على كلِّ نفس تريد الاستكمال والترفّع عن دار الوهم والخيال ، والارتقاء إلى عالَم الحقائق التي لم تزل ولا تزال.
الثانية : ما إذا أمسك نفسه عن الانغمار في عالَم الغرور طلباً للاستكمال ، فتشرق على النفس من عالَم الأنوار ، فترفض الدُّنيا وما يبعدها عن ساحة قدسه تعالى ، ولا ريب في حُسن هذا الطلاق الشرائط المقرّرة في الشريعة المقدَّسة ، وبعد ذلك تصل النوبة إلى الإمساك بالمعروف ، فيعمل بما يرتضيه الرحمان ، ويرتقي بذلك إلى درجات الجنان .
الثالثة : وهي آخر المراتب وأعلاها ، وهي قطع العلاقة والإضافة القلبية مطلقاً ، عملاً بما يُقال : « إنّ التوحيد إسقاط الإضافات » ، وهذا هو التسريح بالإحسان .
وطلاق الدُّنيا في أيّ مرتبة حصل ، لا ينافي بقاء الدُّنيا تحت سلطته وإرادته ، كما في طلاق أولياء الله تعالى للدُّنيا ، فقد تمثّلت الدُّنيا في صورة خارجية ـ وهي صورة أجمل النساء ـ لسيّد الأنبياء في ليلة المعراج ، وفي صورة بُثينة ـ التي كانت أجمل نساء عصرها ـ لعليٍّ علیه السلام ، فقال لها :
« غُرّي غيري لا حاجة لي فيكِ قد طلّقتكِ ثلاثاً لا رجعة فيها » .
فطلاق الدُّنيا بالشرائط المقرّرة في الشرع ، من أفضل الدرجات وأعلى المقامات ، واجب عند المخلصين والصدِّيقين المتفانين في حبّ الله تعالى .
_____
جمال السالكين
@meragalrooh
474 viewsedited 11:55