Get Mystery Box with random crypto!

س/ لو سمحت ممكن مقارنة تفصيلية بين كلية دار علوم، وآداب لغة عر | الثانوية...برواية أخرى

س/ لو سمحت ممكن مقارنة تفصيلية بين كلية دار علوم، وآداب لغة عربية، وتربية لغة عربية؟

ج/ سؤال جيّد
بيّنت قبل ذلك الفرق بين كلية دار العلوم وكلية الآداب
وقلنا إنّ دار العلوم هي الأقرب -نوعًا ما- في الكليات الحكومية إلى التعليم التراثي الأزهري الإسلامي القديم، والعلوم الإسلامية مبنيّة على مبدأ في غاية الأهمية وهو (التكاملية)، فكل العلوم متداخلة متقاطعة متضافرة تُكمّل بعضها بعضًا كالكتاب الواحد وكالجسد الواحد يشد بعضه بعضًا، فالنحو والصرف والبلاغة عندنا لهم علاقة وثيقة جدًا جدًا بالمنطق والعقيدة والكلام والفلسفة والفقه وأصول الفقه والتاريخ وغيره! شبكة امتزجت في الجسد الإسلامي كاللحم والدم، وعلاقات لا تنفك!

أما المنهج الغربي التقليدي -وأقول تقليدي لأن هناك دعوات عندهم الآن تعارض هذا المنهج وتؤكد على فكرة التكاملية التي أشرنا إليها- فلم يكن ليحترم أهمية هذا التكامل والتشابك والتداخل بين العلوم، ويُعظّم من قيمة (التخصصية) بشكل يُخلّ بتصور المتخصص وإتقانه لتخصصه فضلا عن تغييبه عن باقي العلوم بالكُلية.

وبالتالي فكلية دار العلوم لا تُدرّس اللغة العربية على مناهج الغربيين بمعزلٍ عن تراثنا وعلومنا وثقافتنا وتاريخنا، بل تُدرّسها بشكل تكاملي.
بينما كلية الآداب، فهي مبنية على عمودين: تدريس اللغات وآدابها، والعلوم الاجتماعية، ولكن دراسة لا تلتفت إلى الخصوصيات الثقافية، وإنما دراسة بعيون إنسان غربيّ وبمناهج غربيّة صرفة لا تنتمي إلى التراث العربي الإسلامي وثقافته.
إذا فهمت هذا علمت لماذا يدرس طالب كلية دار علوم (اللغة العربية وعلومها، بجانب العقيدة والفقه والمنطق والتصوف والكلام والفكر الإسلامي والتاريخ الإسلامي بمختلف فروعه وغير ذلك)

في حين إذا أردت أن تدرس تلك العلوم في كلية الآداب فلا بُد لك أن تختار قسمًا معينًا، فإما أن:
تدرس (الفلسفة الإسلامية) وحدها كجزء مجرد منتزع من سياقه داخل قسم الفلسفة،
أو تدرس (التاريخ الإسلامي) كجزء مجرّد منتزع من سياقه داخل قسم (التاريخ)،
أو تدرس (اللغة العربية وأدبها) كجزء مجرد منتزع من سياقه داخل قسم (اللغة العربية) وهكذا!
فالجانب العلمي بالطبع أقوى في دار العلوم بالطبع عن آداب أو تربية.

فلماذا أُنشئت كلية التربية؟
اعلم أولًا أن العلوم قسمان: (علوم نظرية تأسيسية) و(علوم عملية تطبيقية)، وكذلك يُمكن تقسيم الكليات إلى هذين القسمين: (كليات نظرية) و(كليات عملية).

- كليات نظرية: يعني كليات تبحث في العلم لذات العلم وتستنبط النظريات والأحكام والقوانين والنُظم والأسس العلمية، وتُخرّج علماء باحثين متخصصين في تلك العلوم.. بصرف النظر عن التطبيق في الواقع.
ويدخل فيها (كلية الآداب) للبحث في العلوم اللغوية وبعض العلوم الإنسانية والاجتماعية، وباقي العلوم الاجتماعية في كليات (الحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية)، وكذلك يدخل فيها (كلية العلوم) للبحث في العلوم الطبيعية.

- كليات عملية: يعني كليات (برجماتية أو نفعية) أي لا تلتفت إلى البحث عن الحقائق لذاتها، وإنما هي تلتفت إلى حاجات الواقع، وتبحث في كيفية الاستفادة من العلوم النظرية في تطبيقات عملية واقعية ملموسة مؤثرة في الواقع بشكل مباشر.
ويدخل فيها كلية (التجارة وإدارة الأعمال) للاستفادة من علوم الرياضيات والإحصاء وعلم النفس والاجتماع والاقتصاد والقانون وغيرها الكثير لتصميم نُظم إدارة الأعمال والمعاملات التجارية.
ويدخل فيها كلية (الإعلام) للاستفادة من علم النفس، والاجتماع، واللغات والهندسة وغيرها لإنشاء محتوى إعلامي مناسب للجمهور المستهدف لإحداث التأثير المطلوب.
ويدخل فيها كلية (الهندسة) وكلية (الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي) وكلية (الطب) وكلية (الصيدلة) وكلية (العلاج الطبيعي) وكلية (التمريض) والكليات العسكرية..
ويدخل فيها كلية (التربية) التي لا تلتفت إلى التأصيل العلمي كما هي طبيعة الكليات التطبيقية، بل تستهدف تخريج (معلم) لـ (مادة علمية معينة) لـ (مرحلة تعليمية معينة) لتحقيق متطلبات معينة تناسب الفئة التعليمية المحددة.
فمن جهة تُعطي الطالب بعض العلم الذي يناسب المرحلة التي يُدرّسها وهذا هو الشق العلمي الصرف.
ومن جهة تُعطي الطالب بعض العلوم التربوية التي تعينه على فهم كيفية تدريسها، وهذا هو الشق التربوي الذي يبحث في تصميم المناهج والرؤى والفلسفات التربوية، وتكنولوجيا التعليم ووسائله، وتصميم الأنشطة التعليمية، وطرق التقييم والتقويم، وغير ذلك مما يخدم بناء وتطوير العملية التعليمة بوجه خاص، والعملية التربوية بوجه عام.

فإذا فهمت هذا سهُل عليك إدراك أن الشق العلمي في كلية التربية لا يُقارن بكلية الآداب حتى، فضلا عن أن يُقارَن بدار العلوم.