2021-12-16 18:21:59
الــخَــلـْــق
(موعظة زنجية)
* جيمس ولدن جونسن
** ترجمة حيدر الكعبيوخطا الله في الفضاء
ونظر حواليه وقال
"إنني وحيد
فلأصنعْ لنفسي عالماً."
ونظر الله أقصى ما يمكنه النظر،
فرأى الظلمة تطبق على كل شيء
ظلمة أشد سواداً من مائة منتصفِ ليل
في أعماق غابةٍ للسرو
وابتسم الله،
فانبجس النور،
وتدحرجت الظلمة الى جانب،
ووقف النور يتلألأ على الجانب الآخر،
وقال الله: "ذلك حسن."
ومد الله يديه فأمسك النور،
وكور الله النور بيديه،
فصنع الشمس،
وأطلق الشمس تلتهب في السماء.
وجمع الله ما تبقى من نور بعد صنع الشمس،
جمعه في كرة مشعة
ورمى بها الظلمة،
مرقشاً الليل بالقمر والنجوم.
وهناك،
بين الظلمة والنور،
قذف بالعالم،
وقال الله: "ذلك حسن."
ثم نزل الله بنفسه
وكانت الشمس عن يمينه،
وكان القمر عن شِـماله،
وكانت النجوم تتحلق حول رأسه،
وكانت الأرض تحت قدميه.
ومشى الله، وحيثما وطئت قدماه
خسفت خطواته الوديان
وبعجت الجبال عالياً.
ثم توقف ونظر فرأى
أن الأرض كانت ساخنة جدباء،
فخطا الله الى حافة العالم
وبصق البحار السبعة.
ورمش بعينيه، فومض البرق،
وصفق بيديه، فتدحرج الرعد.
ونزلت المياه التي فوق الأرض،
نزلت المياه باردة.
فانبثق العشب الأخضر،
وتفتحت الأزهار الصغيرة الحمراء،
وأشارت أشجار الصنوبر بأصابعها الى السماء،
وفتحت أشجار البلوط أذرعها،
واستكنت البحيرات في منخفضات الأرض،
وجرت الأنهار نحو البحر،
وابتسم الله ثانية،
فظهر قوس قزح،
والتف حول كتفيه.
ورفع الله ذراعه، ولوح بيده للبحر،
وقال: "فلتثمر."
ولوح بيده لليابسة، وقال: "فلتثمري."
وقبل أن ينزل الله يده،
ظهرت الأسماك وطيور الماء
والبهائم وطيور البر
فمخرتِ الأنهارَ والبحار،
وجابت الغاباتِ والأحراش،
وشقت الهواءَ بأجنحتها.
وقال الله: "ذلك حسن."
وتجول الله فيما حوله،
وتطلع الله فيما حوله،
تطلع الى كل ما صنع،
تطلع الى شمسه،
وتطلع الى قمره،
وتطلع الى نجومه الصغيرة،
وتطلع الى عالمه
بكل كائناته الحية،
وقال الله: "ما زلت وحيداً."
عندها جلس الله
على جانب تل ليفكر،
جلس جوار نهر واسع عميق،
ورأسه بين يديه،
وفكر الله وفكر،
حتى قال لنفسه: "فلأصنع لي إنساناً!"
ومن قاع النهر
غرف الله حفنة من الطين،
وجثا على شاطيء النهر،
الله العظيم، الكلي القدرة،
الذي أوقد الشمس وثبتها في السماء،
والذي قذف بالنجوم الى أقصى زوايا الليل،
والذي كور الأرض بيديه،
الله العظيم هذا
جثا مثل مربية تنحني على طفل،
وراح يكدح على قبضة الطين تلك،
حتى شكلها على صورته.
ثم نفخ فيها نسمة الحياة،
فصار الإنسان روحاً حية.
آمين. آمين.
---
عن كتاب الشعر الزنجي الأمريكي 1922
جيمس ولدن جونسون شاعر وناشط سياسي أمريكي ذو تأثير كبير في حركة هارلم. ولد في مدينة جاكسنفل بولاية فلوريدا عام 1871. كان أول محام من أصل أفريقي في ولاية فلوريدا. أغنيته "لترتفع جميع الأصوات بالغناء" تعتبر النشيد الوطني الزنجي الأمريكي. عمل في السلك الدبلوماسي قنصلاً في فنزويلا ونيكاراغوا. تـُعد روايته السيرة الذاتية لملون سابق ، التي طبعت أولاً غفلاً من الإسم عام 1912 وأعيد طبعها باسمه عام 1927، واحداً من الكتب المهمة في حركة هارلم. أصدر أنطولوجياه الشعرية الرائدة كتاب الشعر الزنجي الأمريكي عام 1922، ومجموعته الشعرية ترومبونات الله: سبع مواعظ شعرية زنجية عام 1927. هذه الأعمال أهلته ليحتل مكاناً مركزياً في حركة هارلم. وفي عام 1916 أختير سكرتيراً للمنظمة الوطنية لتقدم الملونين. مات في حادث سيارة عام 1938.
166 views15:21
ب
