2023-06-25 18:54:19
قصة نملة سليمان عليه السلام
قال الله تعالى : حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.
كان فى سالف الزمان نبى كريم أسمه سليمان بن داود عليه السلام وقف هذا النبى الكريم يوما ودعاه دعوه لم يدع بها نبى من قبله ولا بعده . وقف وقال : ( رب آغفر لى وهب لى ملكا لاينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب ( 35 ) ) . فأعطاه الله ملكا لم يعطه لأحد من البشر وسخر له أشياء لم يسخرها لأحد من البشر . لقد علمه الله لغة الطيور والحيوانات وأعطاه من كل شئ .. وهو الذى اعترف بذلك فقال عليه السلام : ( يايها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ( 16 ) ) . أى من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات والوجنود والجيوش والجماعات من الجن والأنس والطيور والوحوش والشاطين . وقد كان نبى الله سليمان عليه السلام عظيم الحكمة ، ولذلك يسميه أهل الكتاب (( سليملن الحكيم )) ولا يقلبونه بالنبى أصلا . قال مجاهد : ملك الدنيا أربعة : مؤمنان وكافران ، فأما المؤمنان : فسليمان بن داود وذو القرنين ، وأما الكافران : فالنمرود بن كنعان ، وبختصر .
بل إن الله عز وجل سخر له الريح تحمله من بلد إلى بلد آخر فى لمح البصر .. بل وتطيعه إذا أمرها . قال تعالى : ( ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره إلى الأرض التى بركنا فيها ( 81 ) ) . وقال تعالى : ( ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر ( 12 ) ) . لما ترك الخيل بتغاء وجه الله عوضه الله منها الريح التى هى أسرع سيرا وأقوى وأعظم ولا كلفة عليه لها قال تعالى : ( تجرى بأمره رخاء حيث أصاب ) ( 36 )) . أى : حيث أراد من أى البلاد ... كان له بساط مركب من أخشاب بحيث أنه سميع جميع ما يحتاج إليه من الدور المبينه والقصور والخيام والأمتعة والخيول والجمال والأثقال والرجال من الإنس والجن ، وغير ذلك من الحيوانات والطيور فإذا أراد سفرا أو مستنزها أو قتال ملك أوأعداء من أى بلاد الله شاء ، فإذا حمل هذه الأمور المذكورة على الباسط أمر الريح فدخلت تحته فرفعته فإذا استقل بين السماء والأرض أمر الخاء فسارت به ، فإذا أراد أسرع من ذلك أمر العاصفة فحملته أسرع فوضعته فى أى مكان شاء ، بحيث إنه كان يرتحل فى أول النهار من بيت المقدس فتغدو به الريح فتضعه بإصطخر مسيرة شهر فيقيم هناك إلى أخر النهار ، ثم يروح من آخره فترده إلى بيت المقدس .
بل وسخر الله عز وجل له الجن والشياطين لخدمته . قال تعالى : ( ومن الشيطين من يغوصون له ويعلمون عملا دون ذلك وكنا لهم حفظين ( 82 ) ) . وقال تعالى : والشيطين كل بناء وغواص ( 37 ) ) . أى : منهم ما هو مستعمل فى الأبنية الهائلة من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب ، وقدروه راسيات إلى غير ذلك من الأعمال الشاقة ، التى لا يقدر عليها البشر ... وطائفة غواصون فى البحار ، يستخرجون ما فيها من اللألئ والجواهر والأشياء النفسية ، التى لا توجد إلا فيها قال تعالى : ( واءخرين مقرنين فى الأصفاد ( 38 ) ) . أى : موثوقون فى الأغلال والأكبال ، ممن قد تمرد وعصى وامتنع من العمل وأبى ، أو قد أساء فى صنيعة واعتدى . بل وأعطاه جيشا من الجن والإنس والطير . قال تعالى : ( وحشر لسليمن جنوده من الجن والإنس والطير ( 17 ) ) . وأتاه العلم والحكمة . فكان هذا كله ملك سليمان عليه السلام .
وفى يوم من الأيام خرجت تلك الجيوش والجماعات من الجن والإنس والطيور والوالحوش . خرجت كلها فى صفوف متنافسة ووقفوا جميعا ينتظرون خروج نبى الله سليمان عليه السلام . وبعد وقت قصير خرج سليمان عليه السلام ورأى هذه المملكه العظيمة فتذكر هذا الدعاء الجميل . ( رب آغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب ( 35 ) ) ... وكيف أن الله استجاب دعاءه وأعطاه ذلك الملك . نعم .. إنه يفهم لغة الطير ويحدثها ويأمرها فتطيع أمره ويأمر الريح أن تنقله فى أى وقت وإلى أى مكان فتطيع وتذهب من الشام إلى العراق فى الصباح وتعود به قبل الظهر . ويأمر الجن قيبنون له القصور ويصنعون له المحاريب والقدور الكبيرة . ومنهم من يغوص فى الأعماق ليأتوا إليه باللؤلؤ والكنوز والجواهر والأشياء النفسية . إنه ملك كبير وعظيم . أخذ سليمان عليه السلام ينظر إلى هذه الملك ويحمد الله حمدا كبيرا .
يا له من ملك عظيم لهذا النبى الكريم . نعم ... لقد سار سليمان عليه السلام مع هذا الجيش العسكرى الكبير الذى كان يتكون من ثلاث فرق : فرقة الإنس ، وفرقة الجن ، وفرقة الطير . وقال تعالى : ( وحشرر لسليمن جنوده من الجن والإنس والطير ( 17 ) ) . ولا يعنى هذا أن سليمان عليه السلام حكم كل الإنس ، وكل الجن ، وكل الطير ، وإنما حكم طوائف من الإنس تمثل عالم الإنس ، وطوائف من الجن تمثل عالم الجن ، وأصنافا من الطير تمثل عالم الطير . وكانت هذه الطوائف جنودا فى جيش سليمان عليه السلام .
611 views15:54