Get Mystery Box with random crypto!

توبة أبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ت(٥١٣) هجرية رحمه الله، وب | "المنهل الصافي"

توبة أبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ت(٥١٣) هجرية رحمه الله، وبعض ما يستفاد منها.

ذكر الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (١/ ٣٢٤) أن ابن عقيل كان يتردد إلى اﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ، ﻭاﺑﻦ اﻟﺘﺒﺎﻥ ﺷﻴﺨﻲ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺮ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎﻥ ﻧﻮﻉ اﻧﺤﺮاﻑ ﻋﻦ اﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺗﺄﻭﻝ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻭﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﺎﺕ.

وقد نقم عليه أهل السنة ذلك، ثم اﻃﻠﻌﻮا ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻲء ﻣﻦ ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﺣﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻼﺝ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻭﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ بعض العلماء منهم إمام الحنابلة في وقته الشريف أبو جعفر عبد الخالق بن عيسى الهاشمي الذي "ﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻘﻮﻝ ﻭاﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﺪﻉ ﻭﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ" كما جاء في ترجمته في ذيل الطبقات.
ﻓﺎﺷﺘﺪ صنيع ابن عقيل على أهل السنة، ﻭﻃﻠﺒﻮا ﺃﺫاﻩ، ﻓﺎﺧﺘﻔﻰ.

وكان آخر أمره التوبة المعلنة المكتوبة بمحضر جمع من العلماء والأعيان والشهود، وقد كتبها بخطه فقال:

"ﺇﻧﻲ ﺃﺑﺮﺃ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﻣﺬاﻫﺐ ﻣﺒﺘﺪﻋﺔ اﻻﻋﺘﺰاﻝ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻣﻦ ﺻﺤﺒﺔ ﺃﺭﺑﺎﺑﻪ، ﻭﺗﻌﻈﻴﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ، ﻭاﻟﺘﺮﺣﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻼﻓﻬﻢ، ﻭاﻟﺘﻜﺜﺮ ﺑﺄﺧﻼﻗﻬﻢ، ﻭﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻘﺘﻪ، ﻭﻭﺟﺪ ﺑﺨﻄﻲ ﻣﻦ ﻣﺬاﻫﺒﻬﻢ ﻭﺿﻼﻟﺘﻬﻢ ﻓﺄﻧﺎ ﺗﺎﺋﺐ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ، ﻭﻻ ﺗﺤﻞ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ، ﻭﻻ ﻗﺮاءﺗﻪ، ﻭﻻ اﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ...

ﻭاﻋﺘﻘﺪﺕ ﻓﻲ اﻟﺤﻼﺝ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ الدﻳﻦ ﻭاﻟﺰﻫﺪ ﻭاﻟﻜﺮاﻣﺎﺕ، ﻭﻧﺼﺮﺕ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﺰء ﻋﻤﻠﺘﻪ، ﻭﺃﻧﺎ ﺗﺎﺋﺐ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﺑﺈﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻤﺎء ﻋﺼﺮﻩ، ﻭﺃﺻﺎﺑﻮا ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﺧﻄﺄ ﻫﻮ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺳﺘﻐﻔﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺃﺗﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻟﻄﺔ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻭاﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭاﻟﺘﺮﺣﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭاﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻟﻬﻢ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺣﺮاﻡ، ﻭﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻘﻮﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﻣﻦ ﻋﻈﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﺑﺪﻋﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﻋﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻡ اﻹﺳﻼﻡ".

ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﺥ، ﻭاﻷﺗﺒﺎﻉ، ﺳﺎﺩﺗﻲ ﻭﺇﺧﻮاﻧﻲ - ﺣﺮﺳﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻣﺼﻴﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻹﻧﻜﺎﺭ ﻋﻠﻲ ﻟﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﻩ بحالي ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺃﺑﺮﺃ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺃﺗﺤﻘﻖ ﺃﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﺨﻄﺌﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺼﻴﺐ.

ﻭﻣﺘﻰ ﺣﻔﻆ ﻋﻠﻲ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺨﻂ ﻭﻫﺬا اﻹﻗﺮاﺭ ﻓﻺﻣﺎﻡ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﺷﻬﺪﺕ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻭﺃﻭﻟﻲ اﻟﻌﻠﻢ، ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺒﺮ، ﻭﻻ ﻣﻜﺮﻩ ﻭﺑﺎﻃﻨﻲ ﻭﻇﺎﻫﺮﻱ -ﻳﻌﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺳﻮاء، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﻭﻣﻦ ﻋﺎﺩ ﻓﻴﻨﺘﻘﻢ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻋﺰﻳﺰ ﺫﻭ اﻧﺘﻘﺎﻡ". انتهى.

ويلاحظ من طريقة العلماء في قبول توبة المخالف أن تكون:
١- معلنة لما أعلنه وأظهره من خلاف السنة
٢- مكتوبة وبخط يده.
٣- يحضرها أهل العلم والأعيان وغيرهم ويشهدون عليها.
٤- مفصلة ومبينة.
٥- ثناء المخالف عند التوبة على أهل الحق ومن أنكر عليه، وإذعانه لما طلبوه منه ولو بشيء من الشدة، فإن مخالفة السنة لا يتسامح بها، ويعامل المنحرف عن السنة بالحزم، وهي طريقة محمودة جدا عند السلف.

كتبه
رائد بن عبد الجبار المهداوي
الأحد ١٢ ذو القعدة ١٤٤٣ هجرية



https://t.me/raedalmihdawi