Get Mystery Box with random crypto!

إن اجتمعت علينا هموم العالم نجد دائما الأم هي الحضن الدافئ الذ | راتيل سعد

إن اجتمعت علينا هموم العالم نجد دائما الأم هي الحضن الدافئ الذي يُصبّرك على مرارة الدنيا، تُنصت إليك كلل أو ملل، فماذا لو أن العالم حرَمك منها؟

وفي عام حزنهم شعروا وكأن الأعوام كلها مرت فيه، أصبحت الحياة بلا معنى والقلب دون نبض، أصبح كل شيء باهتا، لم يحدث شيء يستحق ذكره سوا الكثير من الحزن ولا بأس ببكاء إن زار وأقام.
وفي يوم رن جرس الباب فقامت حفصة بثقل شديد لتفتح..
_ السلام عليكم، اشتقت إليك كثيرا يا حفصة.
تجمدت ملامح حفصة وتحدثت بصوت خافت ولكن يكسوه الغصب..
_ ما الذي أتى بك إلى هنا؟
_ رد السلام فرض عين على المنفرد يا حفصة.
لم تتغير ملامحها ولا نبرة صوتها بقيا كما هما..
_ وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ما الذي أتى بك إلى هنا؟
_ ألن تقولي لي تفضل؟
_ لا نريد فضلك ولا أن نتفضل عليكَ.
_ حفصة، أنا زوجك إن كنت نسيتِ ذلك.
_ حقا؟ يا لها من معلومة كنت جاهلة بها.
_ هل سنتحدث كثيرا على الباب؟
قاطع حديثهم صوت والدها وهو يقف في منتصف البيت..
_ من على الباب بُنيتي؟

قام زوجها بفتح الباب حتى يراه والدها..
_ هذا أنا عمي خالد.
_ تفضل يا يونس، لماذا تقف على الباب؟
_ ولماذا يدخل يا أبي؟
_ حفصة، هو في بيتنا، يجب أن يُعامل أفضل معاملة، ولا تنسي أنه زوجك.
_ هو من نسي ذلك أولا.
_ ادخل يا يونس، وأنتِ يا حفصة حضري بعض الطعام.
نظرت إلى يونس بغضب ثم رحلت، ورحّب السيد خالد بزوج ابنته وراح يسأله عن حاله وأحواله وكيف كانت الدنيا معه في الآونة الأخيرة، وراح يعتذر على تقصيرة معه وهنا جاءت حفصة وتدخلت في الحديث..
_ لماذا تعتذر يا أبي؟ ولمن؟
رد عليها والدها بابتسامة..
_ لزوجك يونس.
_ أرجوك يا أبي، لا تكن بهذه الطيبة، وأنت قل لماذا جئت إلى هنا وارحل.
_ جئت لنحدد موعد الزفاف.
أصابت حفصة هستيرية ضحك لدرجة أن الدموع سالت من عينيها من شدة الضحك استهزاء بكلامه..
_ أتعلم شيء؟ اليوم العاشر من نوفمبر وهو ذكرى وفاة أمي، وهو ذلك اليوم الذي كنت ستحدد فيه موعد الزفاف وعندما علمت بموتها قررت السفر وتأجيل كل شيء، أذكر أنك لم تقف معنا ولا ألزمت نفسك بالتهوين عليّ، فقدت أمي وماذا عساك أن تفعل؟ بدلا من مواساتي قررت الرحيل لِتركي أهدأ، وجئت بعد عام كامل لنحدد موعد الزفاف، كان معك حق أن تتركني أهدأ؛ فلقد هدأت بالفعل ورتبت اوليات حياتي والغريب أنك لم تشغل المرتبة الأخيرة حتى في حياتي.
كانا يسمعانها بإنصات ومن ثَم أمرها والدها بأن تجلس جواره..
ابتلع يونس لعابه بصعوبة بالغة ثم قال..
_ أنا لن أرد على تلك الاتهامات لأن والدك يجلس.
_ جُزيت خيرا يا بني.
_ حسنا يا عمي، هل سنحدد موعد الزفاف؟
_ بالطبع.
تحدثت حفصة بصدمة..
_ ولكن يا أبي...
أمسك والدها كفها وشرع في تكميل حديثه..
_ أخبرني يا يونس هل الأسبوع يكفي لأن تكون جاهزا؟
_ بالطبع يا عمي.
_ حسنا، الأسبوع القادم إن لم تكن ورقة طلاق حفصة بين يدي سأضطر للجوء إلى المحاكم، انتظرت قدومك عام بأكمله.
_ تمازحني أليس كذلك؟
_ أنا في عمر والدك ولن أفعل ذلك في تلك المواضيع، ولا تنسى أنه لا يوجد في الطلاق مزاح.
_ هل يمكنني أن أعرف السبب؟
_ من حقي كأب أن أختار الزوج المناسب لابنتي، التي أطمئن عليها معه إن وافتني المنية، أريد لها شخصا يقف بجانبها إن بكت لأن إبهامها جُرح؛ لكنك رحلت حين وفاة أمها كيف آمنك عليها؟ معك أسبوع كامل.
وقف يونس وهمّ بالرحيل فوقف الأب هو الآخر..
_ لم تأكل معنا.
_ ولا داعي للجلوس، السلام عليكم.
ردا عليه السلام وبعد رحيله جلست حفصة جوار أبيها..
_ هل أنتِ حزينة على ما فعلته؟
_ لا يا أبي، لقد فعلت الصواب، شخص لم يقف بجانبي في أشد أوقات حزني كيف أصنع معه السعادة.
_ سيعوضك الله، أنا واثق في ذلك..
ابتسمت حفصة وسكت والدها دقائق ثم تحدث بتردد..
_ حفصة، فعلت لكِ ما أردتيه هل يمكن أن تفعلي لي شيئا أريده؟
_ بالطبع يا أبي.
_ سأعقد قراني على زوجة عمك الليلة.

_ راتيل سعد.