Get Mystery Box with random crypto!

شنَّ: صَبَّها وبَثَّها وفَرَّقها من كلِّ وجه، ومنه شنُّ الغارَ | 🔥قناة الشهب المحرقة في كشف المفرقة🔥

شنَّ: صَبَّها وبَثَّها وفَرَّقها من كلِّ وجه، ومنه شنُّ الغارَات، وأصل الشَّنِّ والشَّنَّةِ الخَلَقُ من كلِّ آنية صُنِعَتْ من جلد وجمعها شِنَانٌ.
وقيل فيه: سنَّه عليه، لكنَّ الأكثر ورودا شنَّه بالشِّين المعجمة، وفرَّق بينهما بعض العلماء فقال: بالسِّين المهملة الصَّب بسهولة، وبالمعجمة التَّفريق في صبه.
ـ وجاء في رواية: «فَصَبَّهُ عَلَيْهِ»، وفي رواية أخرى: «هَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ»، وفي أخرى: «فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ».
الهاء في هَرَاقَ بَدَلٌ من هَمْزة أرَاقَ يقال : أَرَاقَ المَاء يُريقُهُ وَهَرَاقَهُ هِرَاقَةً, ويُقالُ فيه: أهْرَقْتُ المَاءَ أُهْرِقُه إهْرَاقاً فيُجْمَع بَيْن البَدَلِ والمُبْدَل.
* المسألة الثَّانية ـ فقه الحديث:
هذا الحديث استدلَّ به على عدَّة مسائل فقهيَّة، منها:
* النَّجاسة الحكميَّة هي الواردة على شيء طاهر, والنجاسة العينيَّة لا يمكن طهارتها إلاَّ إذا استحالت على رأي بعض العلماء.
* إزالة النَّجاسة هل يشترط لها الماء:
ـ القول الأوَّل: يشترط، واستدلُّوا بعدَّة أدلَّة, منها قوله تعالى: ﴿وَأنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) [سورة الفرقان]، وحديث بول الأعرابي في المسجد.
ـ القول الثَّاني: لا يشترط، ولو زالت عين النَّجاسة بأيِّ مزيل كان فإنَّها تطهر، كالشَّمس والرِّيح.
والصَّواب أنَّه لا يشترط، فقد ورد في السُّنَّة إزالة النَّجاسة بغير الماء، كالاستجمار بالأحجار.
ثمَّ إنَّ إزالة النَّجاسة ليست من باب المأمور، بل من باب اجتناب المحظور، فإذا حصل بأيِّ سبب كان ثَبَتَ الحُكم، ولهذا لا يُشترط لإزالة النِّجاسة نيَّة، فلو نزل المطر على الأرض المتنجِّسة وزالت النَّجاسة طَهُرت، ولو توضَّأ إنسان وقد أصابت ذراعَه نجاسةٌ ثمَّ بعد أن فرغ من الوُضُوء ذكرها فوجدها قد زالت بماءِ الوُضُوء فإنَّ يده تطهر.
والجواب عمَّا استدلَّ به من قال بتعيُّن الماء:
أنَّه لا ينكر أنَّ الماء مطهِّر، وأنَّه أيسر شيء تطهَّر به الأشياء، لكن إثبات كونه مطهِّرًا، لا يمنع أن يكون غيره مطهِّرًا؛ لأنَّ لدينا قاعدة وهي: انتفاء الدَّليل المعيَّن لا يَستلزِم انتفاء المدلول؛ لأنَّه قد يَثْبُتُ بدليل آخر.
وأمَّا بالنِّسبة لحديث أنس، وأَمْرُ النَّبيِّ ﷺ بأن يُصَبَّ عليه الماء فإنَّ ذلك لأجل المبادرة بتطهيره؛ لأنَّ الشَّمس لا تأتي عليه مباشرة حتَّى تُطهِّره بل يحتاج ذلك إلى أيَّام، والماء يُطهِّره في الحال، والمسجد يحتاج إلى المبادرة بتطهيره؛ لأنَّه مُصلَّى النَّاس، فلا يدلُّ تعيينُه على تعيُّنِهِ؛ لأنَّ تعيينَه لكونه أسرعَ في الإزالة، وأيسرَ على المكلَّف.
فإذا زالت النَّجاسة بأيِّ مزيل كان طَهُر محلُّها؛ لأنَّ النَّجاسة عينٌ خبيثة، فإذا زالت زال حكمها، فليست وصفًا كالحدث لا يُزال إلاَّ بما جاء به الشَّرع.
ولهذا ينبغي للإنسان أن يُبادر بإزالة النَّجاسة عن مسجده، وثوبه، وبَدَنِه.
* أنَّ النَّجاسة لا يشترط فيها عدد إلاَّ ما جاء به النَّصُّ، كغسل لعاب الكلب سبع مرَّات إحداها بالتُّراب، وذلك أنَّ النَّبيَّ ﷺ أمر بذنوب من ماء، ولم يكرِّر الغسل، فلا يعتبر العدد إذا قام في غالب الظَّنِّ أنَّ المكان زالت منه النَّجاسة وطهر.
* أنَّ بول الآدمي نجس بإجماع.
* طهارة الأرض النَّجسة بصبِّ الماء عليها، ولا يُشترط حفرها، وهو قول جمهور العلماء، وذُكر عن الحنفيَّة أنَّه يُشترط حفرها.
لكنَّ الصَّواب أنَّ الحنفيَّة يفرِّقون بين الأرض الرِّخوة والأرض الصَّلبة، قال الكاساني في «بدائع الصَّنائع» (1/89): «ولو أنَّ الأرض أصابتها نجاسةٌ رطبة، فإن كانت الأرض رِخْوَة يُصَبُّ عليها الماء، حتَّى يتسَفَّلَ فيها فإذا لم يبق على وجهها شيءٌ منَ النَّجاسة، وتسفَّلَت المياه يحكم بطهارتها، ولا يُعتبرُ فيها العددُ، وإنَّما هو على اجتهاده، وما في غالب ظنِّه أنَّها طهُرت، ويقوم التَّسفُّلُ في الأرض مقام العصر فيما يحتمل العصرَ، وعلى قياس ظاهر الرِّواية يُصَبُّ الماءُ عليها ثلاث مرَّاتٍ، ويتسفَّلُ في كلِّ مرَّةٍ، وإن كانت الأرض صلبة فإن كانت صَعُودًا يُحفرُ في أسفلها حفيرةٌ، ويُصبُّ الماء عليها ثلاث مرَّاتٍ، ويزال عنها إلى الحفيرة، ثمَّ تكبرُ الحفيرةُ، وإن كانت مستويةً بحيث لا يزول الماء عنها لا تغسل، لعدم الفائدة في الغسل.
وقال الشَّافعيُّ: إذَا كُوثِرَت بالماء طهُرت؛ وهذا فاسدٌ؛ لأنَّ الماء النَّجس باقٍ حقيقةً، ولكن ينبغي أن تقلب فيُجعَلُ أعلاها أسفلها، وأسفلها أعلاها ليصير التُّراب الطَّاهر وجه الأرض، هكذا روي أنَّ أعرابيًّا بال في المسجد، فأمر رسول اللَّه ﷺ أن يُحفَرَ موضعُ بوله، فدلَّ أنَّ الطَّريق ما قلنا، واللَّه أعلم» اهـ.
ولا شكَّ أنَّ الحديث الوارد في ذلك ضعيف لا تقوم بمثله الحجَّة، وما جاء في الطُّرق الصَّحيحة المتقدِّمة ظاهر أنَّه لا يشترط الحفر ولا نقل التُّراب.