2022-05-24 21:39:35
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن فاطمة - رضي الله عنها - أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى ، وبلغها أنه جاءه رقيق ، فلم تصادفه ، فذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنها - ، فلما جاء أخبرته عائشة ، قال : فجاءنا وقد أخذنا مضاجهنا ، فذهبنا نقوم ، فقال : (( علَى مَكَانِكُما )) ، فجاء فقعد بيني وبينها ، حتى وجدت بَرْدَ قدميه على بطني ، فقال : (( ألَا أدُلُّكُما علَى خَيْرٍ ممَّا سَأَلْتُمَا؟ ، إذَا أخَذْتُما مَضَاجِعَكُما - أوْ أوَيْتُما إلى فِرَاشِكُما - فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ ، واحْمَدَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ ، وكَبِّرَا أرْبَعًا وثَلَاثِينَ ، فَهو خَيْرٌ لَكُما مِن خَادِمٍ )) رواه البخاري .
فتأمل كيف كانت الشكاية في أمر دنيوي محسوس ، وحله في أمر دنيوي محسوس وهو الخادم ، وهذا بالمقاييس الدنيوية المادية الحسية الصرفة .
لكن التوجيه كان ربانيا ، توجيه في غرس اليقين في الله في القلوب وقوة الاعتماد على الله والافتقار إليه وسؤاله البركة ، وكيف ينقدح في القلب اليقين بحصول المعونة جراء ذكر يقال ، فالأمر ليس مجرد كلام يقوله الذاكر فقط ، وإنما المعول على ما يصاحبه ويقارنه من أحوال القلب وجمعيته على الله وانقياده وتسليمه وقبوله بتوجيه الشارع وأمره ، فعند ترتب هذه الأحوال يحوز العابد المنال .
ولذا قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث في الفتح : [ وَيُسْتَفَاد مِنْ قَوْله " أَلَا أَدُلّكُمَا عَلَى خَيْر مِمَّا سَأَلْتُمَا " أَنَّ الَّذِي يُلَازِم ذِكْر اللَّه يُعْطَى قُوَّة أَعْظَم مِنْ الْقُوَّة الَّتِي يَعْمَلهَا لَهُ الْخَادِم ، أَوْ تَسْهُل الْأُمُور عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُون تَعَاطِيه أُمُوره أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِم لَهَا ، هَكَذَا اِسْتَنْبَطَهُ بَعْضهمْ مِنْ الْحَدِيث ] .
فاليقين الحاصل في القلب هو نتاج هذه الأحوال المجتمعة من تسليم وانقياد وتعظيم وإيمان جازم وتصديق تام لخبر الشرع ، وهذا تأثير الاعتقاد الصحيح في حياة العابدين .
وهل تبنى الأمم البناء الصحيح إلا على هذه المعاني السامية التي بها ارتقى إلى المعالي صحابة رسوله الله - صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين - ، فالعقيدة العقيدة تفلحوا .
أبو عاصم نبيل التومي - حفظه الله -
↵ قَـنَــ↯ـاةُ :
❃ طَـلــبةُ العِـلم فِـي ليـبـيَـ↶ـا ❃
❃ T.me/libya_salaf ❃
سَـاهمُوا في نَـشرها فالدّالُ على الخيـر كفاعلــه
693 views18:39