2022-05-12 02:30:29
يدعو البعض إلى الترحم على من مات على ملة الكفر ولم يُعرَف عنه أنه فارقها إلى الإسلام قبل موته ، ويستدلون بقوله تعالى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } .
والرحمة في الآية لا شك أنها عمت المخلوقات جميعها ، إنسها وجنها ، كافرها ومؤمنها ، برها وفاجرها ، فما هي هذه الرحمة ، وكيف تكون أهلية نيل كل قسم منها .
الرحمة هنا منها ما يكون في الدنيا من الأرزاق والتدبير ، وما من دابة إلا على الله رزقها ، وما استودعه فيها من الاهتداء إلى كيفية الخروج من الرحم بالدفع ، وما يكون من التراحم بين المخلوقات حتى الوحوش الضارية منها ، وما يكون من اهتداء لكيفية الطعام والشراب وطرق نيله وتسويته وما يلائم كل مخلوق وما لا يلائمه ، والاهتداء إلى التخلص من الفضلات والتزاوج ونحو ذلك .
هذه رحمة دنيوية لأجل أمور الدنيا ، وأما الرحمة الكبرى فهي الرحمة الدينية التي لأجل الدنيا والآخرة ، فكانت بإنزال الكتب وإرسال الرسل وشرع الشرائع وإقامة الحجة وبيان المحجة ، فقد أرسل الله لكل أمة رسولا ، وختم برسوله محمد رسولا للعالمين كافة ، ومن لم تبلغه الحجة الرسالية جعل له حكما خاصا به يوم القيامة ، وبهذا تكون الرحمة الدينية قد عمت الجميع ، فقبلها من قبلها ، ونفر عنها من نفر .
فأما من اهتدى بها وكان من أمة الإجابة فحقت له رحمة الدنيا الخاصة ، ورحمة الآخرة ، وهذا ما دلت عليه تكملة الآية لمن غفل عنها إذ يقول ربنا - سبحانه - : { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } [الأعراف:156] .
فتبين ها هنا أن الرحمة العامة رحمة خلق وإيجاد وإعداد وإمداد ، وتلتها رحمة هداية الإرشاد ، ثم خُصَّت هداية التوفيق بمن صدقوا الله واستجابوا لأمره ، { وكان بالمؤمنين رحيما } .
والله أعلم بالصواب ، وهو الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد .
أبو عاصم نبيل التومي - حفظه الله -
↵ قَـنَــ↯ـاةُ :
❃ طَـلــبةُ العِـلم فِـي ليـبـيَـ↶ـا ❃
❃ T.me/libya_salaf ❃
سَـاهمُوا في نَـشرها فالدّالُ على الخيـر كفاعلــه
825 views23:30