2021-08-19 07:20:45
#الْــخُـطَـبُ الْـمُـفَــرَّغَـة#
*بِــسْـمِ الـلَّــهِ الْـرَّحْـمَٰـنِ الْـرَّحـِيــْـمِ*
يَسُرُّ إِخْوَانكُمْ *بِـمـسْـجِــدِ بَـشَائـِرِ الْـخَـيـْـرِ* بِصَنْعَاءَ أَنْ يُقَدِمُوا لَكُمْ هَذِهِ المَادَة، وَالْتِي هِيَ بِعنْوَانِ:
*الْقَولُ الْمُخْتَصَر فِيْ أَحْكَامِ وَآدَابِ الْسَّمَرِ وَالْسَّهَر*
وَهِيَ عِبَارَةُ عَنْ تَفْرِيغٍ لِخطبَةِ جُمُعَةٍ لِشَيْخِنَا الْفَاضِلِ: *أَبـِي الْـحَـسَنِ عَلِيِّ بـنِ الْحُسَيْنِ الْحَـجَّـاجِيِ* حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى.
أُلقِيَت بِمَــرْكِــزِ بَـشَـائـِرِ الْـخَـيـْرِ بصنعاء في 16 من شوال لعام 1442
الخطبة الأولــــــى:
إِنَّ الْحَـمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾[آل عمران:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ أن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْد:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيْثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ، هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيها المسلمون عباد الله؛ إن نعم الله عَزَّ وَجَلَّ على عباده كثيرة،﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾[براهيم:34]، فَنِعَم الله علينا معاشر المسلمين كثيرة جدا، لا نستطيع حصرها، كما أخبر بذلك ربنا سبحانه وتعالى، ومن نعمة الله عَزَّ وَجَلَّ أن جعل لكل شيء قدرا، فكان من المحافظ على العبد والإنسان أن يؤدي كل ذي حق حقه، وما ذلكم إلا لتكون الحياة على نظام ونسق عظيم؛ لكي لا يتضرر العبد، ولا يلحقه من وراء ذلكم الضرر.
ولهذا من رحمة الله عَزَّ وَجَلَّ أن جعل لنا الليل لباسا، والنهار معاشا، وجعل لنا الليل سكنا، نسكن فيه ونرتاح ونهدأ فيه، فهو موضع السكن وموضع الراحة، بخلاف النهار عباد الله، ولهذا قال الله عَزَّ وَجَلَّ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾[النبأ:10-11]، فهكذا اقتضت حكمة الله عَزَّ وَجَلَّ، أن جعل الليل لباسا وسكنا للعبد يرتاح فيه، ويتغذى بالنوم والراحة، بخلاف النهار، فقد جعله معاشا من أجل أن يمشي الناس، ويعملوا بأسباب الرزق وذلكم في النهار.
عباد الله؛ من المؤسف والمؤلم أن كثيرا من الناس اليوم عكسوا هذه الآية العظيمة، فجعلوا الليل معاشا ، والنهار سباتا، وهذا خلاف حكمة الله عَزَّ وَجَلَّ، وفيه أضرار على العبد، أضرار دنيوية، وأضرار أخروية، ولهذا نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عن السهر والسمر بعد صلاة العشاء، جاء في الصحيحين عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، قال: «وَكَانَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ، الَّتِي تَدْعُونَهَا العَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا».
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: لِأَنَّ النَّوْمَ قَبْلَهَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى إِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا مُطْلَقًا، أَوْ عَنِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، وَالسَّمَرُ بَعْدَهَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى النَّوْمِ عَنِ الصُّبْحِ، أَوْ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، أَوْ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ. اهـ
ولهذا كره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ النوم قبل العشاء لما سمعتم والحديث بعدها.
وهكذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ينهى عن السمر لغير مصلحة شرعية، ولهذا روى الإمام أحمد رحمه الله تعالى من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، قال: «جَدَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ»، جدب: أي نهي وزجر عن السمر والسهر بعد صلاة العشاء.
128 views04:20