2021-08-17 05:59:26
#الْـخُـطَـبُ الْـمُـفَـرَّغَـة#
*بِـسْـمِ الـلَّـهِ الْـرَّحْـمَٰـنِ الْـرَّحـيْـمِ*
يَسُرُّ إِخْوَانكُمْ *بِـمـسْجِـدِ بَـشَـائِـرِ الْـخَـيْـرِ* بِصَنْعَاءَ أَنْ يُقَدِمُوا لَكُمْ هَذِهِ المَادَة، وَالْتِي هِيَ بِعنْوَانِ:
*الإِرشَادُ وَالتَبيِيِن لِخيرِ مَا يُوصِي بِهِ الآبَاءُ البنين*
وَهِيَ عِبَارَة عَنْ تَفْرِيغٍ لِخطبَةِ الْجُمُعَةِ لِشَيْخِنَا الْفَاضِلِ: *أَبِي الْحَـسَـنِ عَـلِيِّ بـنِ الْـحُـسَـيْـنِ الْـحَـجَّـاجِيِ* حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى.
أُلقِيَتْ في الخامس من شهر الله المحرم لعام 1443 بِـمـسْـجِـدِ بَـشَـائـِرِ الْـخَـيـْرِ.
الْـخُـطْـبَـةُ الْأُولَـى:
إِنَّ الْحَـمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْد:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيْثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ، هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيها المسلون عباد الله؛ ما أحوجنا جميعا إلى أن ننظر بعين البصر والبصيرة، إلى ما كان يوصي به الأولون من أنبياء الله ورسله، وهكذا عباد الله الصالحين أبناءهم، وبما أصبح كثير من الآباء اليوم يوصون به أبناءهم، ففَرقٌ شَاسِع وبَونٌ واسِع بين ذاك وذا.
فوصية الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وصايا عظيمة لأبنائهم، يوصونهم بالتمسك بهذا الدين العظيم، يوصونهم بأن يكونوا مسلمين مؤمنين، وأن لا يحيدوا عن ذلك أبدا، قال الله عز وجل مخبرا عن إبراهيم ويعقوب عليهما الصلاة والسلام وهم يوصون أبناءهم بوصايا عظيمة: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة:130-133].
وصايا عظيمة عباد الله يوصي بها أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام هؤلاء الأبناء أن يكونوا على الإسلام، وأن لا يموتوا إلا وهم على الإسلام، ﴿ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
وانظر إلى الحاصل اليوم عند كثير من الآباء يوصي ولده بأمر الدنيا، وبزخارفها، وزينتها، ذاك يوصي ولده بالتركة الفلانية، وذك يوصي ولده بالإرث الفلاني، كُلُّ الوصايا -إلا من رحم الله سبحانه وتعالى- وصايا دنيوية بحتة، لا تكاد تجد إلا من رحم الله سبحانه وتعالى من يوصي أولاده وأبناءه بتقوى الله، وبالتمسك بدين الله عز وجل.
أولئك لا هم لهم لأنفسهم، ولأبنائهم، ولا لغيرهم من المؤمنين؛ إلا الدين، ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، ولهذا قال: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾، أي: سنتبع ما وصيتنا به، وسنقوم به حق القيام.
73 views02:59