2021-08-20 10:39:22
قـصـص و؏ــبـر
•━════━•ஜ ஜ•━════━•
#قصة_الأندلس_من_الفتح_حتى_السقوط(91) (( ب )))
عصر ملوك الطوائف
سقوط طليطلة
طليطلة .. الثغر الأوسط لبلاد الأندلس
يتبع الحلقه(91)
ألفونسو يعيد القادر على حراب الصليبيين
انتقل القادر بن ذي النون من ملجئه في وبذة إلى مدينة قونقة، وأرسل إلى ألفونسو يطلب مساعدته، ويُذَكِّره بسالف الودِّ بينه وبين جدِّه المأمون وما كان للمأمون من فضل في عونه وإغاثته، فاستجاب له ألفونسو، وسار معه في سرية من جنوده، فهي فرصة سانحة لألفونسو أن يبسط سلطانه على القادر، إلى أن تحين الفرصة ويبسط سلطانه على المدينة كلها، فعاد القادر مرَّة أخرى بمعونة ألفونسو ملك قشتالة، وحاصرت قوَّات النصارى طليطلة، مما اضطر المتوكل بن الأفطس إلى أن يخرج منها بعد أن أخذ من أسلاب القادر ما شاء؛ من أثاث وفراش وآنية، وسلاح وكتب وغيرها، وبعث بها إلى بطليوس، ونجحت قوَّات ألفونسو في الدخول إلى طليطلة وإعادة القادر إليها بعد عشرة أشهر من خروجه منها، ودخل القادر طليطلة في حمى النصارى وجنودهم، ويقال: إن ألفونسو حاصر طليطلة والمتوكل بداخلها، واضطر المتوكل أن يغادرها بالفرار، وكان ذلك في ذي الحجة سنة (473هـ=1080م) [2].
ألفونسو يحاصر طليطلة
الواقع أن ألفونسو كان قد أعدَّ عُدَّتَه للقضاء على طليطلة، ووضع خطته العسكرية التي تُمَهِّد لمشروعه الواسع بالسيطرة على ممالك الطوائف كلها، وكان المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية لَمَّا رأى من استفحال أمر ألفونسو وقوَّته فكر كيف يصنع؛ وبدلاً من أن يسلك مسلك الشرفاء الأعزاء فيُساند طليطلة، أو يسارع فيُكَوِّن حلفًا من ملوك المسلمين، إذا به يخشى على نفسه من أن ينساب تيار الغزو القشتالي إلى مملكته، فرأى أن يعقد مهادنة وصلحًا مع ألفونسو يأمن بها على أراضيه، فبعث وزيره ابن عمار ليتفاوض مع ألفونسو، وتمت المعاهدة والاتفاق على ما يلي:
- يُؤَدِّي المعتمد للملك القشتالي الجزية سنويًّا.
- يُسمح للمعتمد بغزو أراضي طليطلة الجنوبية على أن يُسَلِّمَ منها إلى الملك القشتالي الأراضي الواقعة شمالي سيرامورينا (جبال الشارات).
- لا يعترض المعتمد على مشروع ألفونسو القاضي بالاستيلاء على طليطلة.
وهكذا ضحَّى المعتمد بمعقل إسلامي مهمٍّ؛ لكي يفوز بإمارات لم تخضع له بعد، وهذا خطأ سياسي جسيم يُضاف إلى أخطائه، ودلالة على استهتاره نحو أُمَّته ودينه[3].
وفي شوال (474هـ=1082م) ضرب ألفونسو الحصار على طليطلة، وشدَّد غاراته عليها، وظلَّ على ذلك أربع سنوات كاملة؛ يُخَرِّب في الزروع والأراضي والقرى، وعاش الناس في ضيق وكرب، وليس بين المسلمين مجير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!
وفي الوقت الذي تُحَاصَر فيه طليطلة كان ملوك الطوائف يُقَدِّمُون ميثاق الولاء والمحبَّة له؛ أي: الجزية والإتاوة، ولم يجرؤ أحد منهم على الاعتراض عليه في ذلك إلاَّ المتوكل بن الأفطس الذي أُخْرِج من طليطلة قبل قليل، وفي الوقت نفسه الذي تُحَاصَر فيه طليطلة نجد أن ممالك الطوائف الأخرى تتنازع فيما بينها، أو تَرُدُّ غارات النصارى المتواصلة عليها.
ألفونسو على أعتاب طليطلة
هكذا أضحت طليطلة وحيدة بلا مأوى!
وهكذا أضحت طليطلة تنتظر ساعة الحسرة والسقوط.
وهكذا تُركت طليطلة المدينة المنكوبة لمصيرها، وفي خريف سنة (477هـ=1084م) اقترب ألفونسو من المدينة، وأحكم الحصار بشدَّة، وضاق الناس ذرعًا، وكان موقف القادر مريبًا، وكأنَّ هناك اتفاقًا بينه وبين النصارى! وحاول أهل المدينة أن يُطيلوا انتظارهم عسى نجدة من المسلمين تنجدهم، ولكن ليس بين مسلمي الأندلس في ذلك الوقت مجير!
ولما طال الحصار واستحكم على المسلمين وضاق بهم، أرسلوا جماعة من زعمائهم إلى ألفونسو تتحدث عن الصلح والمهادنة، فما كان من ألفونسو إلا أن أهانهم، وسخر منهم واستدعى سفراء ملوك الطوائف، وقد كانوا جميعًا يومئذ لديه يخطبون ودَّه، ويُقَدِّمُون إليه الأموال، وهكذا خرج زعماء طليطلة وقد فقدوا أملهم، عادوا خائبين، وأيقنوا سوء المصير[4].
شروط ألفونسو على أهل طليطلة
مضى على الحصار إلى الآن تسعة أشهر، وتحطَّمت كل الآمال المرجوَّة في الصلح والهدنة، وهكذا عرضت المدينة التسليم، بعد أن عجزت عن المقاومة، وبعد أن سَلَّمها ملوك الطوائف ثمنًا لدينهم، وشرفهم وعزَّتهم!
وكان من ضمن شروط التسليم:
- أن يُؤَمَّن أهل المدينة على أنفسهم وأموالهم.
- أن يُغادرها مَنْ يشاء حاملاً أمواله، وأن يُسمح لمن عاد منهم باسترداد أموله.
- أن يُؤَدُّوا الجزية إلى ملك قشتالة على ما كانوا يُؤَدُّونَه لملوكهم من المكوس والضرائب.
- أن يحتفظ المسلمون للأبد بمسجدهم الجامع، وأن يتمتَّعُوا بالحرية التامَّة في إقامة شعائرهم وشريعتهم.
- تسليم سائر القلاع والحصون.
وأما بالنسبة للقادر بن ذي النون:
يمكِّنه ملك قشتالة من الاستيلاء على بلنسية، وبالتالي تخضع له القواعد الشرقية كلها[5].
608 views07:39