2021-08-22 23:39:09
ابني والكرامة
هالني منظرها
تلك الأم التي أخذت برأس ابنتها ذات الثماني سنوات
تدفعها أمامها وهي تضربها لأن رفيقاتها اشتكين من أنها أساءت لإحداهن
، ذكرني مشهد هذه البنت بتلك المشاهد التي امتلأت بها أفلام الأبيض وأسود حيث تضرب الثرية قاسية القلب خادمتها الطفلة لأنها تأخرت في إحضار الطلبات أو انكسر منها شيء دون قصد .
مشهد يتكرر كثيرا في شوارعنا ، أم تنهال ضربا على ابنها لأن السيارة كادت تصدمه ،
وأخرى تسب ابنتها لأنها تعثرت فسقطت على الأرض .
مشاهد كثيرة لكثرتها صارت مألوفة ، لكن مشهد تلك الطفلة ذات الثماني سنوات أدمى قلبي ، ربما لأني أحب هذه الطفلة وأعرف مدى رقتها ؟
ربما لأني أدرك كم هو مؤلم أن يهان الطفل أمام أبويه ولا يحميانه ، فما بالنا بأن تكون الإهانة على يد الأم ، أحد أوضح مظاهر رحمة الله في الأرض .
ولهؤلاء الآباء والأمهات أقول : ماذا لو دخلت عليك أمك الآن وأنت بين رفاقك وسبتك ولطمتك ؟
ماذا لو ذهب والدك إليك أيها الأب الجليل وأهانك أمام زملائك في العمل ؟
ماذا لو شتمك أبوك وأنت مجتمع بأقاربك في بيت جدك ؟
هل ستتحملون هذه الإهانات ؟
أنتم أيها الكبار لن تتحملوها فما بالنا بالأطفال ؟
ألأنهم لا نصير لهم من أيديكم ؟
فويل لظالم لا نصير لمن ظلمه إلا الله .
قالها لي أحد الشباب : أبي سر ضياع كرامتي بين شباب العائلة ، كل خلاف بيني وبين أقاربي ينصرهم علي حرصا على مشاعر أهله ، أما أنا فلا قيمة لمشاعري ولا قيمة لكرامتي ، قالها الشاب وهو يكاد يبكي .
أسمعها كثيرا : لو مضربتش ابني قدام أهلي مبيهدوش وبيفكروني بادلعه ، فباضطر أضربه منعا للمشاكل .
ولهؤلاء أقول : ماذا لو كنت موظفا بأحد المصالح ، ودخل رئيس مجلس الإدارة على مديرك وحدثت مشكلة بين الموظفين في وجوده ، فأراد هذا المدير أن يثبت ولاءه وحرصه على العمل أمام رئيسه ، فجاء بك وسبك وصرخ في وجهك وخصم من راتبك دون أن يتأكد هل أنت مخطئ أم لا ، ودون أن يراعي أخلاقيات العمل وقوانينه ؟
ما سيكون شعورك أيها الأب الجليل ؟ ماذا سيكون شعورك أيتها الأم ؟
إن ضرب وإهانة الابن أو حتى عقابه بشكل هادئ في وجود أي شخص أمر مهين جدا لكرامته ، وكفيل بأن يخرج من ابنك كل السلبيات التي تخشاها ،
فقد تؤدي به إلى الكذب أوقضم الأظافر أوالتبول اللاإرادي ، وقد يؤدي به إلى العنف المفرط والتنمر والكثير من الأزمات النفسية .
أما في الآخرة ، فإني أخشى أن يحاجيك ابنك أمام الملك يوم القيامة :
يارب لم يكن لي من يدافع عني في الدنيا فخذ لي أنت حقي يا الله .
يا سادة ، الله كرم بني آدم ، فصارأغلى ما يملك الإنسان كرامته ، فرفقا بأبنائكم ، ولا تجعلوهم متنفسا لغضبكم ، فما ستعملونه اليوم ستجدونه غدا ، فأنتم اليوم أقوى ، وغدا تضعفون ، رفقا بأبنائكم ؛ فغدا يفعل فيكم ما تفعلون .
دمتم رفقاء بأبنائكم محافظين على كرامتهم
113 views20:39