2022-05-29 05:36:40
هدايات قرآنية
من أمّ قوماً وهم له كارهون
قال تعالى: ﴿لا إِكراهَ فِي الدّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللَّهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى لَا انفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٦].
وقال تعالى: ﴿... فَإِن لَم يَكونا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامرَأَتانِ مِمَّن تَرضَونَ مِنَ الشُّهَداءِ ...﴾ [البقرة: ٢٨٢].
وفيها من العلم:
الإشارة الى قول رسول اللهﷺ: ((ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون)) رواه الترمذي وحسنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "إنْ كَانُوا يَكْرَهُونَ هَذَا الإِمَامَ لأَمْرٍ فِي دِينِهِ: مِثْلَ كَذِبِهِ أَوْ ظُلْمِهِ، أَوْ جَهْلِهِ، أَوْ بِدْعَتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَيُحِبُّونَ الآخَرَ لأَنَّهُ أَصْلَحُ فِي دِينِهِ مِنْهُ؛ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ أَصْدَقَ وَأَعْلَمَ وَأَدْيَنَ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِمْ هَذَا الإِمَامُ الَّذِي يُحِبُّونَهُ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ الإِمَامِ الَّذِي يَكْرَهُونَهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((ثَلاثَةٌ لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمْ آذَانَهُمْ: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَرَجُلٌ لا يَأْتِي الصَّلاةَ إلا دِبَارًا، وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرًا))ا.هـ.
وما ذكره الشيخ رحمه الله هو باتفاق الأئمة الأربعة.
قال تعالى: ﴿إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرضِ وَالجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأَشفَقنَ مِنها وَحَمَلَهَا الإِنسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلومًا جَهولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢].
وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبيﷺ قال: ((إِذَا ضُيِّعتِ الأَمانةُ فَانتظرِ السَّاعةَ)) قِيل يَا رسول الله: وما إِضاعتُها؟ قال: ((إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غيرِ أَهلِهِ فَانتَظرِ السَّاعةَ)).
فالإمامة أمانة عظيمة لها أهميتها ومكانتها في الدين، ويكفي في فضلها ومنزلتها أن الأنبياء هم من يتولى إمامة أقوامهم، قال تبارك وتعالى: ﴿وَجَعَلناهُم أَئِمَّةً يَهدونَ بِأَمرِنا وَأَوحَينا إِلَيهِم فِعلَ الخَيراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإيتاءَ الزَّكاةِ وَكانوا لَنا عابِدينَ﴾ [الأنبياء: ٧٣].
قال شيخ الاسلام -رحمه الله-: "ولا يُقَدِّمُ الرَّجُلَ لِكَونِهِ طلب الولاية، أو سبق في الطلب؛ بل يكون ذلك سبباً للمنع؛ فإن في الصحيح عن النبيﷺ: أن قوماً دخلوا عليه فسألوه ولاية؛ فَقَالَ: ((إنَّا لَا نُوَلِّي أَمْرَنَا هَذَا مَنْ طَلَبَهُ))ا.هـ. [من السياسة الشرعية (ص8)].
وقال أيضاً: "فالمقصودُ الواجب بالولايات: إصلاحُ دينِ الخلقِ الذي متى فاتَهُم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم".
وقال -رحمه الله-: "فيجبُ على وليّ الأمرِ أن يُولي على كل عملٍ من أعمال المسلمين، أصلحَ من يجده لذلك العمل، قال النبيﷺ: ((من وَليَ من أَمرِ المسلمينَ شيئاً، فَولَّى رجلًا وهو يجدُ من هو أَصلحُ للمسلمينَ منهُ فقد خانَ اللَّهَ ورسُولَهُ))، وفي رواية: ((من ولّى رجلاً على عِصابةٍ وهو يجدُ فِي ِلك العصابةِ من هو أَرضَى للهِ منهُ، فقد خَانَ اللهَ ورسولهَ وَخَانَ المُؤمنينَ)) رواه الحاكم في صحيحه"ا.هـ.
والله أعلم.
حرر في: 27 ـ 10 ـ1443هـ.
قناة الشيخ على تيليغرام:
https://t.me/alobilan
114 views02:36