2021-07-14 22:48:38
بيان الدليل من الكتاب والسنة لبعض مسائل الحج والعمرة المهمة
النيابة في الحج والعمرة
قال تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } [البقرة:158].
فقوله تَطَوَّعَ يُطْلَقُ بِمَعْنى فَعَلَ طاعَةً وتَكَلَّفَها، ويُطْلَقُ مُطاوِعُ طَوَّعَهُ أيْ جَعَلَهُ مُطِيعًا فَيَدُلُّ عَلى مَعْنى التَّبَرُّعِ غالِبًا لِأنَّ التَّبَرُّعَ زائِدٌ في الطّاعَةِ ، ويشمل من حج واعتمر نافلة ومن حج عن غيره أو اعتمر.
وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ : إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ". وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ".
قال في الإنصاف: " وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ: أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالصَّرْصَرِيُّ فِي نَظْمِهِ. إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَيَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ،
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِحُّ ". (3/418)
والأظهر جوازه قال في الروض: " ويصح أن يستنيب قادر وغيره في نفل حج أوبعضه " قال في الحاشية " كالصدقة ولأنّها لا تلزم القادر ولا غير القادر بنفسه ، فجاز أن يستنيب فيها " انتهى.
ويقويه حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ : لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. قَالَ : " مَنْ شُبْرُمَةُ ؟ ". قَالَ : أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي. قَالَ : " حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ ؟ ". قَالَ : لَا. قَالَ : " حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ ". رواه ابوداود وابن ماجة ، وصححه البيهقي وغيره.
فلم يستفصل منه رسول الله ﷺ فدل على جوازه بشرط أن يكون حج الفريضة أو اعتمر ، كلاهما،
ووجهه أنّ النافلة ملك للإنسان يهبها لمن يشاء ، وليس هذا خاصاً بالحج أو العمرة ، بل في عامة الأعمال ما خلا التوحيد.
وروى الترمذي وغيره مرفوعاً " فإذا فيهم رجلٌ أضوَؤُهُم أو من أضوئِهِم قالَ: يا ربِّ مَن هذا؟ قالَ: هذا ابنُكَ داودُ قد كتبتُ لَهُ عُمُرَ أربعينَ سنةً. قالَ: يا ربِّ زِدهُ في عمرِهِ. قالَ: ذاكَ الَّذي كتبَ لَهُ. قالَ: أي ربِّ، فإنِّي قَد جعَلتُ لَهُ من عُمُري ستِّينَ سنةً. قالَ: أنتَ وذاكَ " الحديث.
ولاريب أنّ العمر هو وعاء العمل ، فلو كان لايجوز للمرء أن يهب غيره عمله لما أقره الله على هبته، فدل على جوازه.
والله أعلم
كتبه عبدالله بن صالح العبيلان
٤-١٢-١٤٤٢هـ
قناة الشيخ على تيليغرام
https://t.me/alobilan
167 views19:48