2021-07-18 23:55:42
هدايات قرآنية
فضل الجلوس في المساجد في الأوقات الفاضلة وانتظار الصلاة
قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اصبِروا وَصابِروا وَرابِطوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠].
وفيها من العلم:
الإشارة إلى حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ قَالَ: ((أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟))، قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: ((إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ)). رواه البخاري.
ومارواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ قَالَ: ((الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ؛ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ)).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ: مَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ؟)) فَقِيلَ: وَمَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((أَهْلُ الذِّكْرِ فِي الْمَجَالِسِ)) رواه ابن حبان في صحيحه.
ويصدقه قوله تعالى: ﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨].
ولاريب أنّ الأوقات الفاضلة لها مزيد اختصاص قال تعالى: {وَٱلۡفَجۡرِ، وَلَیَالٍ عَشۡرࣲ} ومنها يوم عرفة، فقد ثبت في صحيح مسلم عن عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ، قَالَ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ)).
قال ابن قدامة -رحمه الله-: "وقال الأثرم: سألت أبا عبد الله –أي: الإمام أحمد- عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة، قال: "أرجو أن لا يكون به بأس قد فعله غير واحد"، وروى الأثرم عن الحسن قال: أول من عَرَّفَ بالبصرة ابن عباس -رحمه الله- وقال أحمد: "أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حُرَيث". وقال الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع: "كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة"، قال أحمد: "لا بأس به؛ إنما هو دعاء وذكر لله". فقيل له: تفعله أنت؟ قال: "أما أنا فلا"، وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة" انتهى.
والذي قصده أحمد -رحمه الله- هو لبس ثياب الإحرام في الأمصار ، والدعاء الجماعي، وأمّا جلوس الناس في المساجد للذكر والدعاء فهذا لا ينكره أحمد ولا غيره من أهل العلم، كيف وقد وردت به النصوص.
وروى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: (إني لأمكث في المسجد الساعة، وما أمكث إلا لأعتكف). احتج به ابن حزم في المحلى وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه.
قال النووي في [المجموع]: "وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ؛ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ"اهـ. [باختصار المجموع (6/514)].
والنبيﷺ قال: ((كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، فَابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ)) الحديث.
فالأدلة تدل على فضل المكوث في المسجد وخاصة في الأوقات الفاضلة لإدراك فضيلتها، قال تعالى: ﴿في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ * رِجالٌ لا تُلهيهِم تِجارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فيهِ القُلوبُ وَالأَبصارُ﴾ [النور: ٣٦-٣٧].
وقال تعالى: ﴿... وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذكَرُ فيهَا اسمُ اللَّهِ كَثيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [الحج: ٤٠].
وقال تعالى: ﴿وَمَن أَظلَمُ مِمَّن مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَن يُذكَرَ فيهَا اسمُهُ وَسَعى في خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُم أَن يَدخُلوها إِلّا خائِفينَ لَهُم فِي الدُّنيا خِزيٌ وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ﴾ [البقرة: ١١٤].
240 views20:55