2022-06-02 21:56:53
[ لا يصح الاحتجاج بمنهج الألباني في الحديث عند الحنابلة ]
للمهتمين.
لا زال هناك من لا يفرق بين مسالك الاستدلال عند الفقهاء وبين المشتغلين في الحديث ، فيستدل بحكم من لا يُعتبر حكمه حجة عند المذاهب .
ومن ذلك استدلال من ينسب نفسه لمذهب الحنابلة ، بتضعيف الشيخ الألباني أو تصحيحه ويجريه على فروع المذهب .
كمن يستدل بكتاب ( إرواء الغليل ) للشيخ الالباني رحمه الله .
ومما أصبح مألوفًا _وهو غريب عن العلم _ عند مقلدي الشيخ الألباني رحمه الله عند ذكر مسألة يرد فيها خلاف قوله أو احتجاجه تبدأ حينها ألفاظ لا علاقة لها بموضوع البحث كمسألتنا هذه كقولهم :
من أنتم حتى لا تعتبرون حكم الشيخ في الحديث ، ومنها أن الشيخ قدم للسنة وغيرها ، وكل ذلك لا علاقة بالنظر المعرفي من جهة البحث العلمي وابتعاد عن جوهر الموضوع .
وبعضهم يتساءل هل للحنابلة منهج في الحديث .
ومنشأ ذلك كله يعود إلى ثلاثة أمور :
الأول : طريقة التلقين التي يتربى عليها الطالب من شيخه ، بحيث يترسخ في ذهنه أن الشيخ على الصواب المطلق وهذه الطريقة خلاف ما عليه مسلك العلماء .
الثاني : الضعف في معرفة مسلك الاستدلال .
الثالث : التعصب للشيخ من قبل مقلديه .
وقبل الشروع في بيان الغلط والخلط نقول : الشيخ الألباني رحمه الله رحمة واسعة قدم الكثير للسنة وخدمها على قدر اجتهاده وجزاه الله خيرا على ذلك .
ولتجلية حقيقة هذا الغلط نبين مسائل منها :
1.أن الاشتغال بالتخريج والحكم على الحديث من قبل أهل الصنعة غير ممنوع لأي كتاب من الكتب ، لكن الممنوع هو فرض هذا الحكم على مذهب من المذاهب الفقهية.
2.غلط الشيخ الألباني رحمه الله حيث قال في مقدمة الإرواء :
أنه لا يوجد بين أيدي أهل العلم وطلابه كتاب مطبوع في تخريج كتاب في الفقه الحنبلي كما للمذاهب الأخرى أ.هـ
بينما الحقيقة : عند الحنابلة تجد كتبًا عدة أصلها :
التحقيق في مسائل التعليق .لابن الجوزي.
ومختصر التحقيق للبرهان بن عبد الحق .
وتنقيح التحقيق لابن عبد الهادي .
وقال أيضا : هذا الفقه الذي لا يعطيه حقه - اليوم - أكثر الباحثين فيه، والمدرسين لمادته في كليات الشريعة المعروفة الآن، فإن من حقه أن لا يستدل فيه بحديث ضعيف لا تقوم به حجة. فترى أحدهم، يعرض لمسألة من مسائله، ويسوق الأقوال المتناقضة فيه، ثم لا يذكر أدلتها التفصيلية، فإذا كان فيها شيء من الأحاديث النبوية حشرها حشرا، دون أن يبين ويميز صحيحها من حسنها، بل ولا قويها من ضعيفها .أ.هـ
وهذا غلط من وجهين :
1.أن الشيخ رحمه الله ليس متمذهبًا بمذهب الحنابلة ، فلا علم له بأصول الاستدلال وإلا لما اطلق عدم الأخذ بالحديث الضعيف.
2.نسف أصل من أصول الحنابلة في الاستدلال وهو أن الضعيف حجة إذا كان عليه العمل .
ومعلوم أن الشيخ الألباني قد قال في مناسبات عدة منها في جدة :
«هذه حكاية نحن لا نتبناها الحديث الضعيف لا يعمل به لا في فضائل الأعمال ولا في الأحكام ».
ولبيان خطأ :
قال (1382) - (حديث ابن عمر مرفوعا: " نهى عن بيع الكالىء بالكالىء " رواه الدارقطنى (ص 345) .
وعن الإمام أحمد قال: " ليس فى هذا حديث يصح , لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين ".
ضعيف. أ.هـ قوله.
قلت : واضح عدم اعتبار الشيخ الألباني لهذا الأصل عند الإمام وهو الاحتجاج بالضعيف إذا كان عليه العمل ، وفي هذا المثال نقل الإمام الإجماع ولم يعتبره أيضًا .
وقال :
(حديث صاحب الشجة: " إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده " رواه أبو داود (ص 32)
* ضعيف.
وهذا أيضًا مما يحتج به عندنا وتنبني عليه الأحكام .
(قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن " رواه الترمذي وأبو داود) , ص 57.
* ضعيف.
بينما عند الحنابلة حجة .
وغير هذه الأمثلة كثيرة .
فإن قيل : وهل للحنابلة منهج حديثي :
نقول وبالله التوفيق : أصل هذا السؤال فاسد المقدمة ، لأن الإمام أحمد هو إمام الأئمة من زمنه إلى اليوم ، وفي المذهب حفَّاظُ ، ونقَّاد .
أما منهجهم في أصول الاستدلال في الحديث فمظانه كتب أصول الفقه .
نقل أبو يعلى في العدة :
قال مُهَنّا: سألت أحمد رحمه الله: عن حديث مَعْمَر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة ، قال: ليس بصحيح، والعمل عليه، كان عبد الرزاق يقول: عن مَعْمر عن الزهري مرسلاً .
فقال مهَنّا : قال أحمد: الناس كلهم أكْفاء إلا الحائك والحجام والكساح ، فقيل له: تأخذ بحديث "كل الناس أكْفاء إلا حائكاً أو حجاما" وأنت تضعفه ؟.
فقال: إنما نضعف إسناده، لكن العمل عليه.
تتمة المقال.
445 viewsedited 18:56