2021-06-24 09:12:21
#مقتبسات
إن الاضطراب والقلق من أكبر المصاعب في حياة الناس، والنتائج الحاصلة منهما في حياة الفرد والمجتمع واضحة للعيان، والاطمئنان واحد من أهم إهتمامات البشر ....
يقول بعض العلماء: عند ظهور بعض الأمراض المعدية - كالطاعون - فإن من بين العشرة الأفراد الذين يموتون بسبب المرض - ظاهرا - أكثرهم يموت بسبب القلق والخوف، وعدة قليلة منهم تموت بسبب المرض حقيقة. وبشكل عام الاطمئنان والاضطراب لهما دور مهم في سلامة ومرض الفرد والمجتمع وسعادة وشقاء الإنسانية، وهذه مسألة لا يمكن التغافل عنها، ولهذا السبب ألفت كتب كثيرة في موضوع القلق وطرق التخلص منه، وكيفية الحصول على الراحة ....
ولكن القرآن الكريم يبين أقصر الطرق من خلال جملة قصيرة ولكنها كبيرة المعنى حيث يقول: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولتوضيح هذا المعنى ومعرفة عوامل القلق والاضطراب لابد من ملاحظة ما يلي:
أولاً: يحدث الاضطراب مرة بسبب ما يجول في فكر الإنسان عن المستقبل المظلم، فيحتمل زوال النعمة، أو الأسر على يد الأعداء، أو الضعف والمرض، فكل هذه تؤلم الإنسان، لكن الإيمان بالله القادر المتعال الرحمن الرحيم، الله الذي تكفل برحمة عباده.. هذا الإيمان يستطيع أن يمحو آثار القلق والاضطراب ويمنحه الاطمئنان في مقابل هذه الأحداث ويؤكد له أنك لست وحيداً، بل لك رب قادر رحيم
ثانياً: ومرة يشغل فكر الإنسان ماضيه الأسود فيمسي قلقاً بسبب الذنوب التي ارتكبها وبسبب التقصير والزلات، ولكن بالنظر إلى أن الله غفار الذنوب وقابل التوبة وغفور رحيم، فإن هذه الصفات تمنح الإنسان الثقة وتجعله أكثر اطمئناناً وتقول له: إعتذر إلى الله من سوالف أعمالك السيئة واتجه إليه بالنية الصادقة
ثالثاً: ضعف الإنسان في مقابل العوامل الطبيعية، أو مقابل كثرة الأعداء يؤكد في نفسه حالة القلق وأنه كيف يمكن مواجهة هؤلاء القوم في ساحة الجهاد أو في الميادين الأخرى؟
ولكنه إذا تذكر الله، واستند إلى قدرته ورحمته.. هذه القدرة المطلقة التي لا يمكن أن تقف أمامها أية قدرة أخرى، سوف يطمئن قلبه، ويقول في نفسه: نعم إنني لست وحيداً، بل في ظل القدرة الإلهية المطلقة
فالمواقف البطولية للمجاهدين في ساحات القتال، في الماضي أو الحاضر، وشجاعتهم النادرة حتى في المنازلة الفردية لهم، كلها تبين حالة الاطمئنان التي تنشأ في ظل الإيمان....
رابعاً: ومن جانب آخر يمكن أن يكون أصل المشقة هي التي تؤذي الإنسان، كالإحساس بتفاهة الحياة
أو اللاهدفية في الحياة، ولكن المؤمن بالله الذي يعتقد أن الهدف من الحياة هو السير نحو التكامل المعنوي والمادي، ويرى أن كل الحوادث تصب في هذا الإطار، سوف لا يحس
باللاهدفية ولا يضطرب في المسيرة
خامساً: ومن العوامل الأخرى أن الإنسان مرة يتحمل كثيراً من المتاعب للوصول إلى الهدف، ولكن لا يرى من يقيم أعماله ويشكر له هذا السعي، وهذه العملية تؤلمه كثيراً فيعيش حالة من الاضطراب والقلق، وأما إذا علم أن هناك من يعلم بهذا السعي ويشكره عليه ويثيبه، فليس للاضطراب والقلق هنا محل من الإعراب
سادساً: سوء الظن عامل آخر من عوامل الاضطراب والذي يصب كثيراً من الناس في حياتهم ويبعث فيهم الألم والهم، ولكن الإيمان بالله ولطفه المطلق وحسن الظن به التي هي من وظائف الفرد المؤمن سوف تزيل عنه حالة العذاب والقلق وتحل محلها حالة الاطمئنان والاستقرار
سابعاً: الهوى وحب الدنيا من أهم عوامل القلق والاضطراب، وقد تصل الحالة في عدم الحصول على لون خاص في الملبس، أو أي شيء آخر من مظاهر الحياة البراقة أن يعيش الإنسان حالة من القلق قد تستمر أياماً وشهوراً
ولكن الإيمان بالله والتزام المؤمن بالزهد والاقتصاد وعدم الاستئسار في مخالب الحياة المادية ومظاهرها البراقة ينهي حالة الاضطراب هذه، وكما قال الإمام علي (عليه السلام): (دنياكم هذه أهون عندي من ورقة في فم جرادة تقضمها) فمن كانت له مثل هذه الرؤية كيف يمكن أن تحدث عنده حالة الخوف والقلق نتيجة لعدم الحصول على شيء من وسائل الحياة المادية أو فقدانها؟!
ثامناً: من العوامل المهمة الأخرى الخوف من الموت، وبما أن الموت لا يحصل فقط في السن المتأخرة، بل في كافة السنين وخصوصا أثناء المرض والحروب، والعوامل الأخرى فالقلق يستوعب كافة الأفراد
ولكن إذا اعتقدنا أن الموت يعني الفناء ونهاية كل شيء (كما يعتقده الماديون) فإن الاضطراب والقلق في محله، ولابد أن يخاف الإنسان من هذا الموت الذي ينهي عنده كل الآمال والأماني والطموحات
ولكن الإيمان بالله يمنحنا الثقة بأن الموت هو باب لحياة أوسع وأفضل من هذه الحياة، وبرزخ يمر منه الإنسان إلى دار فضاؤها رحب، فلا معنى للقلق حينئذ، بل إن مثل هذا الموت - إذا ما كان في سبيل الله يكون محبوباً ومطلوباً
31 views06:12