2021-10-29 19:53:00
التيار الفلسفي في حوزة قم المقدسة (24)
دلالات نبذ التيار الفلسفي
إن نبذ الفلسفة والمروجين لها من قِبل العلماء يحمل في طياته عدة دلالات ، أو لنقل أنه انبثق من خلال عدة أسباب من أبرزها :
أولاً : عدم توقف أي شيء من الدين والتوحيد على المطالب الفلسفية بما في ذلك رد الشبهات ونقضها ، وإنما على كليات العقل وبديهياته ، والمطالب المفيدة في الفلسفة إذا ما وجدت هي مطالب عقلية يمكن تجريدها عن المصطلحات الفلسفية ، وبعبارة أخرى لا دخالة للفلسفة في إيجادها وتكوينها مثل دلالة المعلول على علته.
وهذا ما صرح به جملة من الأعلام ومن ضمنهم السيد الخوئي عندما سُئل رحمه الله : هل إن دراسة الفلسفة لازمة لطالب العلوم الدينية الذي يضع نفسه في موضع الأخذ والرد بالنسبة إلى سائر العقائد والأديان وهل هناك وجوب كفائي على طلاب العلوم الدينية في القيام بهذا الدور ، وهل يمكن إدخال هذا تحت عنوان كونه (أي الفلسفة) مقدمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو كونه مقدمة للحفاظ على الدين أو كليهما ، وإن لم تكن لازمة لطلاب العلوم الدينية فهل فيها رجحان أو لا رجحان فيها أصلا ، ثم إن دراسة الفلسفة على من تكون غير جائزة ــ أرجو أن توضحوا لنا جواب هذه الفقرة تماما ــ ولو فرضنا أن فهم علم أصول الفقه أو بعض أبوابه ــ فهما صحيحا كاملا ــ كان متوقفا عليها فهل هناك رجحان في دراستها عموما ، أو بقيد أن هذا الطالب يكون له مستقبل جيد في الإفادة إن شاء الله ؟
فأجاب : لم يتضح لنا توقف ما ذكر على دراسة الفلسفة وقد تعرضوا للمقدار اللازم منها في طي أصول الدين والفقه ، وإذا خاف من الضلال إثر دراستها حرم وإلا فلا مانع منه في حد نفسه ، والله العالم.صراط النجاة،ج1،ص459.
ثانيا : إن أصحاب التيار الفلسفي وقعوا في الاشتباه والخطأ في اختيارهم هكذا مسلك ، وأن أدعائهم تسخير الفلسفة في إرساء قواعد الدين والتوحيد محض توهم وادعاء لا صحة له . ونحن نرى مجادلات الأئمة عليهم السلام مع الملحدين بالأمور العقلية ولم يكن بالمصطلحات الفلسفية ، ولم يترك الأنبياء والأئمة عليهم السلام العقائد وأمر التوحيد الذي هو أعظم شيء في دعوتهم ومهامهم للفلاسفة.
ثالثا : إن وظيفة الحوزات الدينية هي نشر الدين ومعارف الثقلين ، وإدخال الفلسفة والتصوف إلى أروقتها يصرف الطلبة عن مسؤوليتهم الأساسية ، بل بعض الطلبة يجعل هذه الأفكار الدخيلة وغير الشرعية موازية للعلوم النقلية هذا فيما إذا لم يفضلها عليها .
رابعا : تغلغل التيار الفلسفي في الحوزات الشيعية يعني توغل أفكار الفلاسفة والصوفية والكثير من الأفكار المنحرفة ، تصوروا ماذا يحدث لو انتشرت أفكار ابن عربي مثل كلامه في نوح ، وعتاب موسى لهارون وغيره :
يقول ابن عربي أن النبي نوح عليه السلام كان راضيا عن قومه وأثنى عليهم بلسان الذم :(فعلم العلماء باللّه ما أشار إليه نوح في حق قومه من الثناء عليهم بلسان الذم).فصوص الحكم/الفص النوحي.
ويقول أن النبي موسى عاتب النبي هارون (عليهما السلام) لإنكاره على قومه عبادة العجل وعدم معرفته الحق في كل شيء حيث يقول:(فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء).فصوص الحكم/فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
ومن هنا لك أن تعرف سذاجة وزيغ من يثني على ابن عربي ويهتم بكتبه إذ من يطالع كتبه لا يتردد بكفره إلا إذا كان ذا توجه صوفي فيتغاضى عن كفره أو يتأول كلامه ولو لم يحكم بكفره إلا لهذين النصين من كلامه لكفى.
وملخص ذلك : لم يتوقف إثبات وجود الخالق والأمور العقدية بصورة عامة على الفلسفة.وثانيا اتخاذ منهج الفلسفة لإرساء قواعد الدين وجعلها منهجا محض توهم لا صحة له . وثالثا وظيفة طالب الحوزة نشر معارف الثقلين وإدخال الفلسفة لأروقة الحوزة يصرفهم عن مسؤوليتهم الأساسية . ورابعا تغلغل الفلسفة في الحوزة يعني دخول الفلسفة والتصوف وما يحملان من أباطيل وبدع ، كما حدث في المعاد الجسماني وقدموا الفلسفة وقالوا بالروحاني بل بعضهم توهم أن بعض النصوص لا يمكن فهمها إلا من خلال مقدمات الفلسفة إلى غيرها من الأمور المضحكة وعلاة على كل هذا ترى من سماتهم البارزة الاستخفاف بالعلماء وعدهم ظاهريين لا يفقهون من الدين إلا ظاهره وهم المختصون بفهم أسرار الدين وغوامضه!
309 views16:53