2022-10-04 00:49:23
يَدُعُّ صاحِبَه عن البِدَع، ويحملُه على الاقتداء الصحيح، كما كان السلف يُحِبُّونه، فيُحْيُون سُنَنَه، ويَذُودون عن شريعته ودِينِه، مِنْ غيرِ أَنْ يُقيموا له الموالد، ويُنْفِقُوا منها الأموالَ الطائلة التي تَفتقِرُ المصالحُ العامَّةُ إلى القليل منها فلا تَجدُه»(٥٥).
هذا، وليسَتِ البدعةُ مِنْ محبَّته وتعظيمِه ولو كانَتْ حسنةً في نظرِ فاعلها؛ لأنه صلَّى الله عليه وسلَّمعَمَّمَ فقال: «وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٥٦)، وقال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ ر
َدٌّ»(٥٧)، وفي روايةِ مسلمٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٥٨)، ثمَّ إنَّه كيف تكون حسنةً؟ لأنَّ المُحَسِّنَ لها إمَّا الشرعُ فتنتفي البدعةُ، وإمَّا العقلُ فلا مدخلَ له في إثبات الأحكام الشرعية، ولا في تعلُّق الثواب والعقاب بها آجلًا ـ عند أهل السُّنَّة ـ وإنَّما طريقُ ذلك السمعُ المجرَّد.
قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «ومعلومٌ أنَّ كُلَّ ما لم يَسُنَّهُ ولا استحبَّه رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا أحَدٌ مِنْ هؤلاء الَّذين يقتدي بهم المسلمون في دِينِهم، فإنَّه يكون مِنَ البِدَع المُنْكَرات، ولا يقول أحَدٌ في مثلِ هذا: إنَّه بدعةٌ حسنةٌ»(٥٩).
هذا، وأخيرًا فإنَّنا نحمد الله تعالى على نِعمةِ ولادة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلى نعمة النُّبوَّة والرِّسالة؛ فهو الذي أنزل عليه القرآنَ، وأتمَّ به الإسلامَ، وبيَّنه أتمَّ البيان، وبلَّغه على التمام، وبهذا نفرح ونبتهج مِنْ غيرِ غُلُوٍّ ولا إطراءٍ، ونَسْتَلْهِمُ العِبَرَ والعِظاتِ مِنْ سيرتِه العَطِرة، ومِنْ شمائله الشريفة، وسائرِ مَواقِفِه المشرِّفة في ميادين الجهاد والتعليم، مِنْ غيرِ تخصيصٍ بزمانٍ ولا مكانٍ ولا هيئةٍ، ونحرص على اتِّباعِ هديه صلَّى الله عليه وسلَّم، والتمسُّكِ بسُنَّته على ما مضى عليه سلفُنا الصالح ـ رحمهم الله تعالى ـ.
والموفَّقُ السعيدُ مَنِ انتظم في سلكِ مَنْ أحيا سُنَّةً وأمات بدعةً.
ونسأل اللهَ بأسمائه الحسنى وصِفاتِه العُلَا أَنْ يُرِيَنَا الحقَّ حَقًّا ويرزقَنَا اتِّباعَهُ، والباطلَ باطِلًا ويرزقَنَا اجتنابَهُ، ولا يجعلَه مُتَلَبِّسًا علينا فنَضِلَّ، وأَنْ يكون لنا عونًا على أداءِ واجب الدعوة والنذارة؛ امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ ١٢٢﴾ [التوبة].
وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٨ صفر ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ مارس ٢٠٠٥م
(١) أخرجه مسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨)، وأحمد (٢٥٤٧٢)، والدارقطنيُّ في«سُننه» (٤٥٩٣)، مِنْ حديثِ عائشةرضي الله عنها.
(٢) أخرجه ابنُ ماجه في «المقدِّمة» رقم: (٥)، مِنْ حديثِ أبي الدرداء رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» رقم: (٩) وفي «السلسلة الصحيحة» (٦٨٨).
(٣) تقدَّم تخريجه، انظر: (هامش ١).
(٤) «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (١/ ٣٥٨) بتصرُّف.
(٥) أخرجه البخاريُّ في «الصلح» (٢٦٩٧)، ومسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨)، وأبو داود في «السُّنَّة» (٤٦٠٦)، وابنُ ماجه في «المقدِّمة» (١٤)، وأحمد (٢٦٠٣٣)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(٦) تقدَّم تخريجه، انظر: (هامش ١).
(٧) أخرجه مسلمٌ في «الجمعة» (٨٦٧)، وأحمد (١٤٩٨٤)، مِنْ حديثِ جابرٍرضي الله عنه.
(٨) أخرجه ابنُ المبارك في «الزهد» (٤٧)، وابنُ وضَّاحٍ في «البِدَع» (١١)، وابنُ نصرٍ في «السُّنَّة» (٨٩)، وابنُ عبد البرِّ في «الجامع» (١٨٠٩)، مِنْ طريقِ عبد الله بنِ عونٍ عن إبراهيم، والأثرُ صحيحٌ أَوْرَدهُ الألبانيُّ في هامشِ«أصل صفة الصلاة» (٣/ ٩٤٤).
(٩) أخرجه الدارميُّ في «سننه» (٢٠٩)، والطبرانيُّ في «الكبير» (٨٧٧
فتاوى الشيخ فركوس:
قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss
246 viewsedited 21:49