2022-06-10 21:59:59
المقدّمات لوازمُ التدبّر في القرآن الكريم
قد انزعج البعض من الإكثار من المُقدّمات قبل دخول البحث، وجلُّ ما نشرته إلى الآن:
تمهيدٌ: عبر مجموعة من الأسئلة التي وظيفتها تحفيز القارئ على المتابعة عبر تعريفه بالمواضيع التي سنتطرق إليها فيه.
مقدّمة: حاولتُ أن أشرح فيها السبب الذي دعاني إلى خوضِ غمار هذا البحث، وتدرّجي في الانتقال من "التدبّر التفصيلي" في الآية إلى "التدبّر الإجمالي" في السورة، وعظيم الفائدة التي حصّلتها منه.
وكنتُ أرغبُ أنْ أقدّم بعض المقدّمات الأخرى كاستخلاص مقاصد القرآن ومراميه وأهدافه من نفس آيات القرآن الكريم وغيرها من الأبحاث الأخرى، ولكنّي سأترك ذكرها حالياً مستعجلاً الدخول في نفس البحث (راجع ملاحظة 1)
ويبقى أنّ أنصح القارئ الكريم أوّلاً: أنّ "العِلمَ" قرينُ "الصبر" و "الحِلم"، فمن ازداد صبره وحِلمُه زادت معرفته وعِلمه "وَخُزَّانَ العِلْمِ، وَمُنْتَهَى الحِلْمِ".
وأنبّههُ ثانياً أنّ عمليّة "التدبّر القرآني" لا تتمّ إلا بعد توفّر المقدّمات:
العِلميّة الكسبيّة: من علوم ومعارف كالنحو واللغة والمنطق والفلسفة والعرفان وغيره (م. 2)
والعمليّة الوهبيّة: من طهارةٍ وصفاءٍ وإخلاصٍ وتوجّهٍ في "المَحَلِّ" الذي هو "المُتدبّر" لكي يكون لائقاً باستقبال الإلهامات والإفهامات والإشراقات والأنوار الربّانيّة (م. 3)
وبمقدار توفر هذه المقدّمات ونموّها وزيادتها يستطيع "المُتدبّر" أن ينال من أنوار القرآن ومعارفه وعلومه ومواهبه.
ويستطيع حتّى أن يربط بين الآية وما بعدها، ويعرف الآية المُحكمة من المفصّلة، والأصليّة من الفرعية، والشارحة من المشروحة، والتابعة من المتبوعة، والمقدّمة من النتيجة، واللازمة من الملزومة...
وإلّا فقد يكون الموضوع واحداً ولكنّ "المتدبّر" محجوبٌ عن رؤية الاتّساق والمناسبة لعدم معرفته فقط بظاهر "اللفظ"، كأن لا يعرف مثلاً أنّ ألفاظ "الفيء" و "الأنفال" مرتبطة بالغنائم والإنفاق والمال، أو أن "النجوى" و "المناجاة" هي كلام السرّ، أو أنّ "الكُفّار" في آيةٍ جاءت بمعنى "الزُرّاع" وغيره (م. 4)
أو أن لا يعرف أنّ معنى "الكُفر" يُقابل "الإيمان" كما قد يُقابل "الإسلام"، وأنّ "الكفر" قد يكون بالآيات وقد يكون بالنّعم، وأنّ "المنافق" كافرٌ في الباطن وإن ادّعى الإيمان في الظاهر... وأنّ "الإسلام" له مراتب متفاوتة في الشدّة والضعف، يبدأ بالإسلام الظاهر وهو النطق بالشهادتين ويشتدّ ليبلغ أعلى مراتب "التسليم" ليكون بذلك دين الأنبياء جميعاً، ويكونَ ملّة إبراهيم عليه السلام، ويكون النبي (ص) أوّل المسلمين.
والتعرّف مثلاً على علم "الأسماء الإلهيّة" له دورٌ مهمُ جداً في فهم الآيات كما سنذكر بعد ذلك، فعندما يَرِدُ الاسم "الشهيد" بمعنى "الشاهد" في موضع ما، يكون مرتبطاً بشهود الله تعالى وشهادته ورؤيته وسماعه، وعندما يرد الاسم "الخبير" أو "اللطيف" سيكون بمعنى علمه تعالى حتّى بصغائر الأمور ولطائفها فضلاً عن كُبرياتها وأعاظمها...
وسيأتي الكثير من الكلام الذي سيؤكد كيف يخدم "العرفانُ" الحَقُّ فهمَ القرآن؟ خصوصاً عندما سنوضح أنّ النبيّ الخاتم (صلّى الله عليه وآله) هو مُحْكِمُ ومُحْكَمُ القرآن، لأنّ حقيقتهما واحدة (القرآن والنبيّ الخاتم صلّى الله عليه وآله)، فالنبي (ص) هو الصورة البشريّة للقرآن كما أنّ القرآن هو الصورة الكتبيّة والتدوينّة للنبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله)، وحقيقتهما معاً فوق ظاهر البشر والكُتب.
وبذلك تتجلّى "وحدة القرآن" الأصليّة الضابطة والجامعة والحاكمة على كلّ الآيات الكثيرة الفرعيّة المُفصّلة الجزئيّة كما سيأتي ان شاء الله تعالى ووفّق.
وكتمهيد للمنشور القادم سأسأل هذا السؤال، متمنيّاً على القراء الأعزاء الإجابة عنه حتّى ولو بعد البحث والسؤال:
برأيكم، ما هي الأبحاث الكليّة التي تطرّق إليها الكتاب العزيز؟ وهل يُمكن حصر هذه الآيات الكثيرة المتفرّقة في طيّات القرآن بعناوين ومباحث عامّة يجمعُ كلّ عنوان من العناوين الآيات التي تحته؟ وما هو التقسيم الأنسب الذي توصّلتم إليه لهذه الأبحاث والمقاصد الكليّة للقرآن الكريم؟
ثمّ هل هذه الكثرة والتفاصيل والتشابه والتكرار في الآيات هو نقطة قوّة في القرآن وكيف ذلك؟ أم هو نقطة ضعفٍ معاذ الله، إذ جلّ كلامه أن يحتوي على الضعف أو النقص وعلا عن ذلك علوّاً كبيراً.
بانتظار اجاباتكم وآرائكم الكريمة وتفاعلكم المُغني للبحث، والحمد لله رب العالمين.
ملاحظة: يوجد بعض الملاحظات التي سأنشرها بشكل مستقل لكي لا يطول المنشور
227 views18:59