2022-06-16 22:17:56
أمثلة حول الأحكام الشرعيّة المرتبطة ببحث الشهوة
ذكرنا فيما سبق أنّ فتيل اشتعال "شهوة الإنسان الجنسيّة" يبدأ من "المثيرات والمُحفزّات الخارجية"، وينتقل عبر "الحواس" إلى "باطن الإنسان"، حيث تلتهب تلك النار في وجوده ويصعب إطفاؤها إلّا حيث يجب أن تُطفئ، وإلّا أوقعت الإنسان في محذور المعصيّة.
وقلنا أنّ الإسلام وفي سبيل المحافظة على الفرد والمُجتمع الإسلامي شرّع مجموعة من الأحكام للوقاية من سلبيات الشهوة وإبقاء فعّاليتها في موضعها المحمود الذي هو داخل الأسرة وفي خدمتها.
وهذه الأحكام سواء كانت في دائرة الواجب والمُستحب أو في دائرة الحرام والمكروه، جاءت بحسب هذه الجهات الثلاثة أي الخارج والحواس والداخل.
وسأضرب بعض الأمثلة من باب توضيح المطلب، وأترك للقارئ الكريم التفكّر في الموارد الأخرى.
فمثلاً على صعيد "الخارج" وفي سبيل التقليل من وجود تلك "المُثيرات والمُحفّزات":
نهى الإسلام عن الاختلاط بين غير المحارم إلّا في موارد الضرورة، ومع فرض قيودٍ على هذا الاختلاط الضروري.
فطلب من نساء النبي (ص) ومِنْ ورائهنّ باقي النساء: التزام البيوت والبقاء فيها وعدم التبرّج والتزيّن {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33)
{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ...} (النور: 31)
وأن يكون سؤالُهُنّ من وراءِ حجاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب: 53)
وأمَرَ المرأة بالحجاب حين خروجها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} الأحزاب
وإنْ اضطرّوا للحديث مع الرجال أن يتحدّثوا بطريقة رصينة دون تليين وترقيق الصوت والكلام وإبداء الغُنج والدلال: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) الأحزاب
وأن لا تضرب المرأة بِرِجْلِهَا فيُسمعُ صوت زينتها من خلخالٍ وغيره: {النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} (النور: 31)
وعلى صعيد "الحواس الخمسة":
(البصر): طلب من الرجل ومن المرأة غضّ البصر {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} سورة النور
وعَنِ اَلنَّبِيِّ (ص): "اَلنَّظِرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ، فَمَنْ تَرَكَهَا خَوْفاً مِنَ اَللَّهِ أَعْطَاهُ إِيمَاناً يَجِدُ حَلاَوَتَهُ فِي قَلْبِهِ"
وعن الصادق (ع): "إِيَّاكُمْ وَاَلنَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِي اَلْقَلْبِ اَلشَّهْوَةَ"
(السمع): ذكرنا فيما سبق إشكاليّة تليين المرأة صوتها وترقيقه أمام الأجانب كما ورد في الآية 32 من سورة الأحزاب، وتزيّنها بالخلخال وأمثاله مما قد يُثير الرجل ويجذبه...
(الشم): نهي المرأة عن التعطّر والخروج من المنزل فقد ورد عن النبي (ص): "أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا فَهِيَ تُلْعَنُ حَتَّى رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا مَتَى مَا رَجَعَتْ"
وعن الصادق (ع): "أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِغَيْرِ زَوْجِهَا لَمْ يَقْبَلِ اَللَّهُ مِنْهَا صَلاَةً حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ طِيبِهَا كَغُسْلِهَا مِنْ جَنَابَتِهَا"
وورد في الحديث: "أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ اِسْتَعْطَرَتْ وَخَرَجَتْ لِيُوجَدَ رِيحُهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ"
(اللّمس): كما نهى عن الملامسة والمصافحة بين غير المحارم
وقد كان ما ذكرناه على سبيل المثال والتوضيح لا على سبيل الحصر والإفتاء، وإلّا فتفصيل تلك الأحكام ومناقشتها موضعه في الرسائل العمليّة كما لا يخفى.
وعلى صعيد "باطن الإنسان": فكما ذكرنا سابقاً: فإنّ ترسيخ الإيمان وتمتين التقوى وتحصيل الورع له دورٌ في إعانة الإنسان ووقايته عن الوقوع في المعصية، مع وجود بعض النصائح المُفيدة في هذا المجال:
كدفع الخواطر الشهويّة، والاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، والمداومة على الذكر والانشغال به، لأنّ باطن الإنسان كما ذكرنا هو كالوعاء الذي إمّا أن يُملأ ويُشغل بالطهارات والأنوار وإما أن يُملأ بالنجاسات والقذارات والظلمات...
وللجوع فائدة عظيمة في كسر سورة الشهوة كما ورد في الأحاديث، لأنّه يُفرغ تلك الزجاجة من السوائل القابلة للاشتعال كما مثّلنا، ويمنع جريان الدمّ في الإنسان حيث يجري الشيطان مجراها:
199 viewsedited 19:17