2023-04-26 23:26:48
من أكبر أسباب ظاهرة (الفتور وضعف الإيمان بعد رمضان)، ستة أمور عظيمة لابد لكل مسلم أن يفطن لها، وأن تكون منه على بال، حتى لا يُعاني من الفتور بعد رمضان:
(الأول) غفلة المرء عن أنَّ صومه نهار رمضان وقيامه لياليه لم يكن ليحصل له لولا هداية الله وتوفيقه وتيسيره. قال تعالى: ﴿ولَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكم ورَحْمَتُهُ ما زَكى مِنكم مِن أحَدٍ أبَدًا ولَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشاءُ واللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
(الثاني) عدم استحضار حقيقة وعظمة ومقدار هذه النعمة الجليلة! فلا يرى أنّ إمداد الله في عمره، وتوفيقه ليشهد كامل شهر رمضان، ليـُـغفر له ما تقدم من ذنبه .. لا يرى أنَّ هذه من أعظم نِعَم الله عليه. قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هو خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ﴾
(الثالث) استشعار أنه - أي العبد - ليس فيه جدارة ولا استحقاق لتلقي هذه النعمة .. وأنها محض فضلٍ وإحسان من الله تبارك وتعالى.
(الرابع) استحضار أنه -مهما فعل - عاجزٌ عن أن يوفي الله حقه من الشكر والثناء على هذه النعمة تحديداً وعلى غيرها من النعم.
(الخامس) التقصير في اللهج باللسان في ذكر الرَّب المُحسن بالنسبة النعمة إليه، والثناء عليه بما يستحقه من (شكر اللسان) ليكون ذلك طريقا ووسيلةً لشكر الجوارح، فإنَّ الجوارح تبعٌ لِلِّسان كما جاء في الحديث الصحيح، فإذا نشط اللسان نشطت الجوارح، وإن فتر اللسان فترت الجوارح. وفي الحديث الصحيح: "إذا أصبح ابنُ آدمَ؛ فإنَّ الأعضاءَ كلَّها تكفِّر اللسانَ، فتقول: اتقِ اللهَ فينا؛ فإنما نحن بك؛ فإن استقمت استقمْنا وإنِ اعوججتَ اعوججنا" صحيح الترمذي للألباني.
(السادس) استحضار احتياجه وافتقاره الشديد للشكر، لأنه سبب لاستمرار النعم وزيادتها من عند الله، وأن النعم تزول إذا قصَّر العيد في شكرها، كما نقرأ في الكتاب العزيز: ﴿وإذْ تَأذَّنَ رَبُّكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكم ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾.
من استشعر هذه (الأمور الستة) وعمل بها بعد رمضان، فإنه حريٌّ أن يكون - ولابد - أشدّ حـبًّا لله مما كان عليه أثناء رمضان وقبله .. وبالتالي يكون أشد إقبالاً على الله ورغبةً في طلب رضاه. ويكون أشد خشيةً من مُخالفة أمره لعِلمه أن عقوبة المُخالفة بعد تلقي الإحسان تكون أشد!
ولذلك نصَّ الله - تبارك وتعالى - في القرآن الكريم على (أهمية الشكر) بعد اكمال صيام الشهر. قال الله تعالى في ختام الآية التي فرض فيها الصوم: ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكم ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾.
(الشكر) .. هو طريق الاستمرار في العبودية بعد رمضان. ولذلك فإنَّ المسلم بحاجة ماسَّة إلى جلسات يخلو بها بنفسه ليستحضر هذه المعاني العظيمة ويتأملها، ليُعزِّز وجودها في قلبه وأثرها في نفسه وفي فكره وسلوكياته!
والحرص - بعد انقضاء رمضان - على (المبادرة) بصيام الست من شوال من أول علامات وصفات الشاكرين، والعكس بالعكس.
اللهم نسألك الثبات على الأمر .. والعزيمة على الرُّشد .. والغنيمة من كل بر .. والسلامة من كل إثم … اللهم إنّا نعوذ بك من الحَور بعد الكَور.
المدهشة عائشة
1.6K views20:26