2021-03-25 03:55:43
تخيل أن يقول أحدهم بعد موت متطرّف قتل جمعاً من الأبرياء وغصب حقوقهم:
"ألا يمكن أن يكون ندم قبل أن يموت!"
"لعلّه كان أقرب إلى الله منا، وفعل ما فعل إيماناً بقضيته وحقه المسلوب"
"وما يدريك إن كان الله قد غفر له وأدخله الجنة؟"
"يا أخي ألا تُعجب بصموده وثباته على هدفه على الأقل؟"
"وهل امتلكتم مفاتيح الجنة والنار حتى تحكموا عليه؟"
تخيل قدر الاستفزاز الذي ستشعر به إن سمعت كلاماً كهذا في قاتل، معتدٍ على الأرض والبشر..
الآن ارجع لكل تلك العبارات وتأمّل في أنها تقال في مستهزئ بالله تبارك وتعالى دون خجل أو تورية، معتدٍ على دينه الحق، رأيناه صوتاً وصورةً يكفر بمولاه تارةً وينسب له الأولاد والشركاء أخرى -تعالى الله علواً كبيراً-، قضى حياته يجحد حقه ويدعو إلى ناره بكل طاقته وقدراته كجندي مخلصٍ من جنود إبليس اللعين، تخيل جرم هذا الواضح العظيم في حق مولاه ونفسه وكل البشر، ثم ادعاء القائلين أنه مع ذلك كله "مفكر"، "صاحب قضية"، و"صامد"!
تأمل في استهانة الناس بحق الله مقابل استعظامهم لحقوق نفوسهم، تفكر في استعدادهم لتجاهل كل إساءة متعلقة بالغيب والدار الآخرة مقابل استعظامهم لكل ثانية وذرة من الحياة الدنيا، تفكر في اختلال المعايير في النفوس حيث صارت "كرامة الإنسان" و "حقوقه" و"التعامل الأخلاقي" معه قيماً أعلى وأهم من تعظيم الله جل جلاله المنعم المنفرد بالعطاء والمنع الذي خلق هذا الإنسان من طين وسيعيده إليه ثم يخرجه منه لحسابه وجزائه وسؤاله.
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67]
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} [الأحزاب:57]
تسنيم راجح
#نوال_السعداوي #الإنسانوية
2.4K views00:55