2021-12-03 18:11:30
[
التخريج الفقهي لحكم الجورب المعاصر ]
لبيان حكم الجورب المعاصر تخريجًا على المذهب الحنبلي :
نقول وبالله التوفيق ..
معاني مفردات الموضوع : الخف والجورب وصفتهما لأن صفة الجورب وأحكامه مبنية على صفة الخف وأحكامه .
الخف : هو الساتر للكعبين فأكثر من جلد ونحوه من شيء ثخين .
الجورب : وهو ما يلبس في الرجل على هيئة الخف من غير الجلد.
وصفته : غشاء من صوف يتخذ للدفء .
قد اشترط إمام المذهب للمسح على الخف شروطًا ، والحق الجورب بأحكامه ، لأنه في معناه ومثله كما سيأتي فقاسوه على الخف في الحكم والوصف .
والحكم يتخرج على شرطين :
الأول : أن يكون صفيقًا ، ساترا لا يرى منه شيء .
*أما معنى الصفيق : فهو : مَتِين بيّن الصَّفاقة كثُف نسجه.
وقد قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخف بلا عقب؟
قال: لا يمسح عليه إذا بدا من رجله شيء، لم يمسح عليه إلا أن يكون عليه جورب من هذِه الغلاظ التي تلبس بالنعال، وتثبت في الساق. قلت: فإن كان يسترخي لا يثبت؟
قال: لا يمسح حتى يكون مثل الخف. "مسائل عبد اللَّه" (125).
والملاحظ : أن الإمام قد وصف الجورب بال(الغلاظ).
ولا شك أن الجورب المعاصر ليس بغليظ ، ولا كثيف النسج.
لقد قرن النبي ﷺ الجورب بالموق في المسح ، وكلها بمعنى واحد وهو الخف .
ولو قارنا بين الخف الجلد المعاصر والجورب المعاصر لرأينا فرقًا كبيرًا بين الأثنين .
فيكون من باب أولى أن الخف في زمانهم أَسمك واثخن ، والجورب يلحق به .
الثاني : أن يمكن متابعة المشي فيه .
قال الأصحاب: ويشترط إمكان المشي فيه ، ولو لم يكن معتادًا فدخل في ذلك الجلود واللبود والخشب والزجاج والحديد.
وافترضوا دخول اللبد : وهو منسوج من صوف وشعر. صورته منتشرة على الشبكة .
وإن من أقوى الاستدلال : هو اشتراط إلا يصف القدم لصفائه كالزجاج الرقيق كما نص الاصحاب على ذلك .
فعلى فهم من قال ان مراد الاصحاب ليس السماكة بل ان يشف
فلا معنى لاشتراطهم أن لا يكون الزجاج رقيقًا .
وانما جاز المشي به عرفًا لأنه يمكن ذلك لصفاقة نسيجه .
قال القاضي: قياس المذهب جواز المسح عليها؛ لأنه خف ساتر يمكن المشي فيه، أشبه الجلود .
قلت : كل ما يشبه الجلد جاز المسح عليه .
والجورب المعاصر لا يشبه الجلد من جهة السماكة بحال .
أما معنى إمكانية المشي .
قال في الرعاية الكبرى: يمكن المشي فيه قدر ما يتردد إليه المسافر في حاجته ، لأن ما لا يمكن متابعة المشي عليه لا تدعو الحاجة إليه فلم تتعلق به الرخصة .
والجورب المعاصر لا يمكن متابعة المشي عليه عرفًا ، سوى في البيت وعلى السجاد غالبًا .
أما في غير ذلك مما يتردد في حاجته في السفر فلا .
وقد قال أحمد : إنما مسح القوم على الجوربين أنه كان عندهم بمنزلة الخف، يقوم مقام الخف في رجل الرجل، يذهب فيه الرجل ويجيء .
وقد قال : ( بمنزلة الخف ) ثم وصف المشي بقوله ( يذهب الرجل ويجيء .
الحكم : ويتخرج على ما تقدم من المسائل :
عدم جواز المسح على الجورب المعاصر لأنه :
1. لا يشبه الخف من جهة الوصف ان يكون صفيقًا أو بأي وجه من الأوجه ، لأن المنصوص عندنا أن الجورب في معنى الخف وبمنزلة الخف
2. لا يمكن متابعة المشي عليه عرفًا ، لرقته .
تنويه : اختار تقي الدين بن تيمية _ رحمه الله _ عدم اشتراط أن يكون ( صفيقًا ) فجاز عنده المسح على الجورب وإن كان رقيقًا ، وهي مسألة اجتهادية ، وإن كان في غير محل الأدلة والاستدلال .
وقد قدمنا مذهب الحنابلة في الجورب المعاصر ، ولا نلزم أحدًا بذلك .
والله أعلى وأعلم
وكتب
فارس بن فالح الخزرجي
27 / 4 / 1443
2 / 12 / 2021
https://t.me/FarisAlKhazraji
806 viewsedited 15:11