2022-08-06 21:03:06
سيد شباب أهل الجنة ما بين الإمامة والشهادة
القسم الثالث :
ومضت الأيام سريعا حتى جاءت سنة إحدى وستين[1]للهجرة وسيد شباب أهل الجنة يؤدي مناسك الحج إلا أنهم لم يمهلوه حتى حل إحرامه وخرج من مكة قاصدا كربلاء ، روى الشيخ المفيد في الإرشاد : لما أراد الحسين عليه السلام التوجه إلى العراق ، طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، وأحل من إحرامه وجعلها عمرة ، لأنه لم يتمكن من تمام الحج مخافة أن يقبض عليه بمكة فينفذ إلى يزيد بن معاوية ، فخرج عليه السلام مبادرا بأهله وولده ومن انضم إليه من شيعته[2].
مثل ابن فاطمة يَبيتُ مشرّداً...ويزيدُ في لذّاته متنعمُ
ويُضيقُ الدنيا على ابن محمّد...حتى تقاذفهُ الفضاء الأعظم
وكأن الأمة تناست ما أوصاهم به رسول الله في أهل بيته حتى جعلهم عدل القرآن في هدايته وعصمته من الضلال حيث حديث الثقلين الذي استفاضت به المصادر لدى جمهور المسلمين بألفاظ مختلفة فعلى ما جاء في الكافي : (إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا : كتاب الله عز وجول أهل بيتي عترتي ، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت ، إنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين ، والثقلان : كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم).[3]
أو كأن الشهر الحرام الذي حرم فيه القتال يسوغ لهم فيه قتل ابن بنت نبيهم الذي أرشدهم إلى التمسك به وأنه أمان من الضلال!
يا رسول اللّه لو عاينتهم * وهم ما بين قتل وسبا
من رميض يمنع الظل ومن * عاطش يسقى أنابيب القنا
نعم نزل الإمام الحسين كربلاء في اليوم الثاني من المحرم كما روى الشيخ المفيد : نزل وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين.[4]
وفي أمالي الصدوق : سار حتى نزل كربلاء ، فقال : أي موضع هذا ؟ فقيل : هذا كربلاء يا بن رسول الله . فقال : هذا والله يوم كرب وبلاء ، وهذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا ، ويباح فيه حريمنا[5].
وفي التاسع من المحرم زحف جيش عمر بن سعد على خيام الإمام الحسين فكان منه أن يطلب يوما للصلاة وقراءة القرآن : ولما رأى الحسين عليه السلام حرص القوم على تعجيل القتال وقلة انتفاعهم بمواعظ الفعال والمقال قال لأخيه العباس عليه السلام إن استطعت أن تصرفهم عنا في هذا اليوم فافعل لعلنا نصلى لربنا في هذه الليلة فإنه يعلم إني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه . قال الراوي فسألهم العباس ذلك فتوقف عمر بن سعد فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي والله لو إنهم من الترك والديلم وسألونا مثل ذلك لأجبنا هم فكيف وهم من آل محمد فأجابوهم إلى ذلك[6].
ولما جن الليل على الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه قاموا الليل يصلون ويسبحون الله ويستغفرونه ويدعون ويتضرعون ؛ روى الخوارزمي :جاء الليل فبات الحسين عليه السلام تلك الليلة راكعا ساجدا باكيا مستغفرا متضرعا ، وبات أصحابه ولهم دوي كدوي النحل ، وجاء شمر بن ذي الجوشن في نصف الليل يتجسس ومعه جماعة من أصحابه ، حتى قارب معسكر الحسين فسمعه يتلو قوله تعالى : [وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ][7].
ويمسي سليل الأنبياء تلك الليلة محاطا بالعسكر يطلبونه وهو يقول:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالإشراق والأصيل
من صاحب أو طالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل
وإنما الأمر إلى الجليل * وكل حي سالك السبيل[8].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قبض عليه السلام في شهر المحرم من سنة إحدى وستين.أصول الكافي،ج1،ص463
[2] الإرشاد،ج2،ص67.
[3] أصول الكافي،ج1،ص294
[4] الإرشاد،ج2،ص84
[5] الامالي،ص219
[6] اللهوف في قتلى الطفوف،ص54.
[7] مقتل الخوارزمي،ج1،ص355
[8] ) هذه الأبيات رددها الإمام الحسين عليه السلام على ما رواه أبو مخنف في مقتل الحسين،ص110.والبلاذري في أنساب الأشراف،ج3،ص185.وممن رواها الشيخ الصدوق في الأمالي،ص220.والشيخ المفيد في الإرشاد،ج2،ص93.والطبري في تاريخه،ج4،ص319.وممن رواها أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين،ص91.وابن الأثير في الكامل في التاريخ،ج4،ص58.
2.6K views18:03