2021-10-29 15:47:08
تابع / الفصل الثالث : #معرفة_الله وأما أن الآيات المنبهة على الأدلة المفضية إلى وجود الصانع سبحانه في الكتاب العزيز هي مختصرة في هذين الجنسين من الدلالة , فهذا بين لمن تأمل الآيات الواردة في الكتاب العزيز في هذا المعنى ، إذا تصفحت وجدت على ثلاث أنواع :
●
إما آيات تتضمن التنبيه على دلالة العناية.●
وإما آيات تتضمن التنبيه على دلالة الاختراع.●
وإما آيات تجمع الأمرين من الدلالة جميعاً. فأما الآيات التي تتضمن دلالة العناية فمثل قوله تعالى : {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا – إلى قوله - وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} [النبأ: 16]
ومثل قوله تعالى : {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا – إلى قوله - أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان:61] ،
ومثل قوله تعالى : {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} [عبس:24] ، ومثل هذا في القرآن كثير.
وأما الآيات التي تضمنت دلالة الاختراع فقط فمثل قوله تعالى : {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ} [الطارق: 5‐ 6] ،
ومثل قوله تعالى : {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} الآية [الغاشية:17] ،
ومثل قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} الآية [الحج: 73]
ومن هذا قوله حكاية عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم : {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79] إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى.
فأما الآيات التي تجمع الدلالتين فهي كثيرة أيضاً ، بل هي الأكثر مثل قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ – إلى قوله تعالى - فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21-22].
فإن
#قوله : {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21]
تنبيه على دلالة الاختراع ،
#وقوله : {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء}
تنبيه على دلالة العناية ، ومثل قوله تعالى : {وَآَيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ المَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} [يس: 33] ،
#وقوله : {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:191]. وأكثر الآيات الواردة في هذا المعنى
يوجد فيها النوعان من الدلالة. فهذه الدلالة هي الصراط المستقيم الذي دعا الله تعالى الناس منه إلى معرفة وجوده ، ونبههم على ذلك بما جعل في فطرهم من إدراك هذا المعنى ، وإلى هذه الفطرة الأولى المغروزة في طباع البشر الإشارة بقوله تعالى : {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ – إلى قوله تعالى - قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: 172] ، ولهذا قد يجب على من كان وكده طاعة الله في الإيمان به , وامتثال ما جاء به رسله أن يسلك هذه الطريقة حتى يكون من العلماء الذين يشهدون لله بالربوبية ، مع شهادته لنفسه ، وشهادة ملائكته له ،
كما قال تبارك وتعالى : {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} ، ودلالة الموجودات من هاتين الجهتين
هو التسبيح المشار إليه بقوله تعالى : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44].
#يتبع #الموسوعـة_الـعـقـدية https://dorar.net/aqadia/237
490 views12:47